قرآنيات







1.    بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
قال الله تعالى {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ }(1)
قيل في تفسير هذه الآية أي فليتفكر الإنسان في طعامه كيف قُدّر ودُبّر له وايضاً هي دعوة كي يلتفت لما يدخل إلى جوفه من طعام لئلا يكون مضراً بجسمه فيؤدي إلى مرضه وهذا ما هو عليه غالب الناس من التدقيق في مأكولاتهم وإنتخاب الطيب منها والنظيف .
ولكن للآية الشريفة معنى أدق أشار إليه أئمة اهل البيت (ع)
عن زيد الشّحام عن ابي جعفر (ع) قال : قلت ما طعامه ؟
قال : علمه الذي يأخذه عمن يأخذه(2)
وهذه إشارة مهمة إلى أن المطلوب من الإنسان التدقيق فيما يدخل عقله من علوم وافكار والتفكير فيها كي لا تؤدي به إلى الإنحراف فكما هو الحال في الغذاء الجسدي كذلك في الغذاء الروحي
عن أمير المؤمنين (ع) :" مالي أرى الناس إذا قُرّب إليهم الطعام ليلاً تكلفوا إنارة المصابيح ليبصروا ما يدخل بطونهم !! ولايهتمون بغذاء النفس بأن ينيروا مصابيح ألبابهم بالعلم ! ليسلموا من لواحق الجهالة والذنوب في إعتقاداتهم واعمالهم "(3)
إن لإعمال الفكر محورية اساسية في تحديد وجهة حياة الإنسان لهذا أكد عليها الإسلام عبر كتاب الله والأحاديث الشريفة فطريقة تفكير الإنسان ترسم شخصيته في غالب الأحيان فمن يفكر بالخير يعمل به ومن يفكر بالنجاح يسير في دروب النجاح ومن يفكر بالخوف يعيشه
عن أمير المؤمنين (ع):" الفكر في الخير يدعو إلى العمل به "(4)
لذلك إذا اردنا أن نبني شخصية إسلامية خيّرة وناجحة فعلينا أن نتحكم ونوجه تفكيرنا فحيثما نأخذ أفكارنا نكون فسلوك الإنسان ناتج عن المشاعر والمشاعر ناتجة عن نمط التفكير
قال الدكتور تشاد هيلميستر :" خلال فترة ال18 سنة الأولى من حياتنا يكون قد قيل لنا ما يقارب 148000 مرة كلمة لا أو لا نستطيع أو لا تؤدي ذلك وفي المقابل فإن عدد الرسائل الإيجابية ما يقارب 400 مرة فقط أي مقابل كل كلمة تشجيع هناك 370 كلمة تثبيط "
ووجد العلماء أن الذين ينظرون إلى المشاكل على أنها تهديد ترتفع في أدمغتهم مادة الكورتيزول وهي تثبط نشاط الأعصاب الدماغية في حين أن الذين ينظرون إلى المشاكل على أنها تحد ٍ ترتفع في أدمغتهم مادة الكاتيولامينات وهي تنشط عمل الأعصاب الدماغية اي أننا عندما ننظر إلى المشكلة أنها تهديد تضعف أنفسنا وعندما ننظر إليها على أنها تحدي تقوى أنفسنا (5)
عن أمير المؤمنين (ع):" دوام الفكر والحذر يؤمن الزلل وينجي من الغير "(6)
ولما كان كل شيء في حياة الإنسان محكوم بالصحة والخطأ فإن سلامة مسيرة الإنسان قائمة على إدراك الحق من الباطل ومثل هذا لا لا يتم إلا بالفكر الذي هو بمثابة ميزان الخطأ والصواب فعلينا توظيف هذا الجهاز البديع الذي هو نعمة إلهية كبرى من أجل السمو والإرتقاء بشخصيتنا فإعمال الفكر هو روح العبادة وجوهرها
عن النبي (ص) :" فكر ساعة خير من عبادة سنة "(7)
وأرقى انواع التفكر هو في خلق الله وأمره
عن الرضا (ع):" ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم إنما العبادة التفكر في أمر الله "(8)
قال الله تعالى
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ{190} الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ{191}(9)
مصادر الموضوع
1- عبس (24)
2- الشيخ الكليني /الكافي 1/49/8
3- الإرتقاء الروحي ص20
4- الريشهري /ميزان الحكمة /مادة الفكر ص538
5- الذكاء العاطفي ص52
6- الريشهري /ميزان الحكمة /مادة الفكر ص539
7-8- بحار الأنوار /ج68/ ص 326-322
9- آل عمران 190/191
كفعمي العاملي 





وسلموا تسليماً

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }
المتعارف عند الكثير من الناس أن المراد من التسليم هو السلام  أي السلام عليك يا رسول الله وهذا المعنى هو الذي فهمه أهل السنة
جاء في شعب الإيمان ج 2 ص 220 : " وأما التسليم فهو أن يقال السلام على النبي والسلام عليك أيها النبي ....."
ولكن عندما نراجع الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) ماذا نجد ؟

في تفسير البرهان ج6 - سألت أبا عبد الله الصادق (ع) عن قول الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }
قال (ع) : الصلاة عليه والتسليم له في كل شيء جاء به
إذاً الإمام (ع) لم يفسر التسليم بمعنى السلام بل الإنقياد والفرق كبير والبون شاسع فالتسليم له في كل ما جاء به هو مصداق قوله تعالى
{....وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }

وفي رواية ثانية  في تفسير البرهان ج6 ص 309  وأيضاً في إحتجاج الطبرسي ج1 ص 377– عن أمير المؤمنين (ع) في تفسير قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } قال (ع) : لهذه الآية ظاهر وباطن فالظاهر أي سلموا لمن أوصاه وإستخلفه وفضله عليكم وسلموا تسليماً أي لكل ما جاء به

وفي مشارق أنوار اليقين للحافظ البرسي ص 256 " وإليه الإشارة بقوله صلوا عليه وسلموا تسليما ومعناه صلوا على محمد وسلموا لعلي أمره  ... فلا تنفع  صلواتكم على النبي بالرسالة إلا بتسليمكم على علي بالولاية

وفي معاني الأخبار ص 367 - قال سالت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }
فقال (ع) : الصلاة من الله رحمته ومن الملائكة تزكيته  ومن الناس دعاء اما قوله وسلموا تسليما فإنه يعني التسليم بما ورد عنه

على هذا يتبين انه لا ينبغي ولا يجب إضافة (و(سلم) إلى الصلاة على محمد وآل محمد فهي زائدة ودخيلة ومعنى سلموا تسليماً أعم وأشمل مما يقول به البعض وهذا واضح وجلي من خلال الروايات أعلاه وغيرها كثير

والحمد لله رب العالمين
نسال الله تعالى أن يجعلنا ممن يتدّبر كتابه
كفعمي العاملي 




جمع القرآن الكريم


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
لاريب ولا شك في أن القرآن الكريم متواتر حفظاً وتدويناً منذ عهد النبي (ص) وإلى يومنا هذا وما ذلك إلا لإهتمام المسلمين بأمر من النبي (ص) وتوجيهه بحفظ القرآن ومدارسته وتدوينه فقد لازم النبي (ص) جماعة من أصحابه عرفوا بكتاب الوحي كانوا يكتبون كل ما كان ينزل من الوحي ومما روي عن عبادة بن الصامت
" كان الرجل إذا هاجر دفعه النبي (ص) إلى رجل منا يعلمه القرآن "
وكان يُسمع لمسجد رسول الله (ص) ضجة بتلاوة القرآن حتى أمرهم أن يخفضوا اصواتهم لئلا يتغالطوا وكان القرآن يُعرض على النبي (ص) ويُتلى عليه
نعم وقع الإختلاف بين المسلمين في أن القرآن هل كان مجموعاً على عهد النبي (ص) بين دفتي كتاب مرتباً  غير مبثوث  ومتفرق أم لا ؟
ذهب جمع من علماء الشيعة إلى أنه جُمع في عهد النبي (ص) وقال آخرون أنه جُمع بعد وفاة النبي (ص) مباشرة بوصية منه إلى علي (ع) الذي قام بجمعه بنفسه
أما المشهور عند أهل السنة أن القرآن لم يُجمع في عهد النبي (ص) وإنما جمعه أبو بكر بعد وفاة النبي (ص)
يقول السيد الشهيد محمد باقر الصدر :" أن القرآن كان مجموعاً مدوناً في زمن النبي (ص) .... والخطر في تعرضه للتحريف بدون التدوين وإدراك النبي (ص) لهذا الخطر ووجود إمكانات التدوين وحرص النبي (ص) على القرآن والإخلاص له هي التي تكون اليقين بأن القرآن الكريم تم جمعه وتدوينه زمن النبي (ص) "
مصحف الإمام علي (ع)
لقد تصدى الإمام علي (ع) لترتيب القرآن  وتفسيره بعد وفاة النبي (ص) وبوصية منه حيث إلتزم بيته مشتغلاً بترتيب القرآن بحسب النزول مع شروح وتفاسير وبيان أسباب النزول ومواقعه والناسخ والمنسوخ حتى أكمله في ستة أشهر
يروى عن الأصبغ بن نباتة قال :" قدم أمير المؤمنين الكوفة فصلى بهم أربعين صباحاً يقرأ بهم { سبح إسم ربك الأعلى }
فقال المنافقون : لا والله لا يُحسن إبن ابي طالب أن يقرا القرآن ولو أحسن أن يقرأ لقرا بنا غير هذه السورة
قال فبلغ ذلك علياً  (ع) فقال :ويلهم والله أنا الذي أنزل الله فيّ { وتعيها أذن واعية } فإنما كنا عند رسول الله (ص) فيخبرنا بالوحي فأعيه أنا ومن يعيه فإذا خرجنا قالوا : ماذا قال آنفاً ؟
وقال علي (ع) :" ما نزلت آية على رسول الله (ص) إلا أقرأنيها وأملاها عليّ فأكتبها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها ودعا الله لي يعلمني فهمها وحفظها فما نسيت آية من كتاب الله ولا علماً أملاه عليّ فكتبته منذ دعا لي ما دعا "
ونُقل عن إبن سيرين أنه قال :" بلغني أنه كتبه على تنزيله ولو أجيب إلى ذلك الكتاب لوجد فيه علم كثير "
توحيد المصاحف
قام جماعة من الصحابة بكتابة القرآن الكريم بعد وفاة النبي (ص) منهم سالم مولى حذيفة وإبن مسعود وأبيّ بن كعب وأبو موسى الأشعري والمقداد بن الأسود ومعاذ بن جبل وقد إنتشرت هذه المصاحف في البلاد فكان أهل الكوفة يقرؤون على مصحف عبد الله بن مسعود وأهل البصرة يقرؤون على مصحف أبي موسى الأشعري وأهل الشام على مصحف أبيّ بن كعب وأهل دمشق خاصة على مصحف المقداد بن الأسود
وفي عهد عثمان وبعد أن تعددت القراءات قام بتشكيل لجنة يرأسها أبي بن كعب فجمعوا القرآن من مصحف أبي وإستظهروا به في الإملاء ثم أمر عثمان ان تُجمع باقي المصاحف وتُحرق وقيل سلقها بالماء الحار والخل وبعد هذا قاموا بإستنساخ عدد من المصاحف من النسخة الأم عددها ستة وتم توزيعها على الأمصار وهذا المصحف هو المتداول اليوم بين المسلمين
وموقف الإئمة كان واضحاً في هذا الشأن وهو القراءة كما يقرأ الناس والعمل بما بين دفتي القرآن الكريم والروايات مستفيضة في هذا الشأن
وقال علي (ع) " إن القرآن لا يهاج اليوم ولا يُحرك "
نسال الله تعالى أن يرحمنا بالقرآن ويجعله لنا إماماً ونوراً وهدى
كفعمي العاملي  




تحريف القرآن الكريم 

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد

مقدمة 
قال الراغب الأصفهاني  : "التحريف في اللغة هو التغيير والتبديل ونقل الشيء من موضعه وتحويله إلى غيره "
وهو في الإصطلاح التصّرف في النص المنزل على النبي (ص) وهذا التصرف قد يكون في اللفظ فيُسمى تحريفاً لفظياً ويكون بزيادة كلمة أو آية أو سورة مثلاً أو قد يكون بنقصان أحدها وقد يطال المعنى فيسمى تحريفاً معنوياً أي حمل اللفظ على غير معناه وتفسيره بغير وجهه
وقد أجمع المسلمون بكافة مذاهبهم على إنكار أي تحريف لفظي سواء بزيادة أونقصان وأثبتوا ان القرآن الموجود بين ايدينا مصون من هذا من التحريف وكلمات كبار العلماء والمحققين في ذلك واضحة بالرغم من محاولات البعض التشنيع على هذه الطائفة أو تلك بأنها تقول بتحريف القرآن ويستدلوا على ذلك برواية من هنا أو هناك مع العلم أن مثل هذه الروايات موجودة في كتب الجميع ولكن لا احد يقول بها وهي تسقط بمجرد عرضها على كتاب الله الذي هو الفيصل
 {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }
والواقع التاريخي يشهد أن القرآن بمكان عظيم من الأهمية لدى المسلمين ولهذا شواهد
قال السيوطي في الدر المنثور ج 3 ص 32
أن عثمان بن عفان لما أراد أن يُسقط حرف الواو من الآية
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }
قال له اُبيّ : لتلحقنها أو لأضعن سيفي على عاتقي فألحقوها
وغير ذلك من الشواهد التي تؤكد ما ذهبنا إليه

أدلة حفظ القرآن الكريم من التحريف
أ‌-       الدليل العقلي
ويعتمد على ثلاث مقدمات
1-    أن العقل حاكم بضرورة النبوة ولزوم بعث الرسل وبالدليل
2-    أن الناس لا يمكن أن يصدقوا النبوة ومدعيها إلا مع إتيانه بالمعجزة
3-    إن نبوة محمد (ص) هي الخاتمة والخالدة فلابد ان تكون معجزتها خالدة
فهل العقل يقول أن الله الحكيم يترك هذه المعجزة الخالدة تطالها ايدي التحريف وبالتالي تبطل النبوة الخاتمة ؟؟؟
بالتأكيد الإجابة بالنفي فكيف يحتج الله تعالى على الناس بكتاب مُحرّف وبماذا يستدلوا على صحة نبوة النبي الخاتم (ص) ؟؟؟
ب‌-  الدليل الثاني
هناك آيات واضحة وصريحة تنفي وقوع أي تحريف وتؤكد على أن العناية الإلهية تعهدت حفظ القرآن الكريم وهي كثيرة منها على سبيل المثال
{لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }
{قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً }
ج- الدليل الثالث
الروايات  المتواترة  وفي كتب المسلمين كافة والتي تأمرنا بالتمسك بالقرآن الكريم كي لا نضل وننحرف
فهل نؤمر بالتمسك بماهو محرّف كي لا نضّل ؟
عن النبي (ص) " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً "
وهناك روايات أخرى تأمرنا بعرض كل شيء على كتاب الله ونأخذ فقط ما توافق معه
فهل نؤمر للتثبت من حقيقة الأمور أن نعرضها على كتاب طاله التحريف ؟ 
عن رسول الله (ص) :" إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه "
ملاحظة : هذه الأدلة الثلاثة إنما هي حجة على المسلمين أما في حال كنا نحاور غير المسلمين فالمفروض أن نثبت نبوة محمد (ص) وصدق دعواه ومعجزته وبعدها نطرح هذه الأدلة "
والحمد لله رب العالمين
كفعمي العاملي   



قراءات القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
·        أصحاب القراءات
اشتهر بين المسلمين أن للقرآن سبعة قراءات مختلفة وزاد بعضهم إلى العشرة وقد ثار النقاش حولها فهل هي إجتهادية أو خبر واحد أو متواترة عن النبي (ص)
وقد عُرف هؤلاء القراء بالأئمة السبعة أو العشرة وقد تفاوتت أحوالهم من حيث الوثاقة والعلم وسلامة المذهب وهم كالتالي :
1-    عبد الله بن عامر الدمشقي – قارىء أهل الشام توفي سنة 118 هجري لم يُعرف على من قرأ روى عنه إثنان دون أن يلقياه هما هشام بن عمار وعبد الله بن آتون كان من أشياع معاوية ولا يتورع عن الكذب
2-    عبد الله بن كثير الرازي – قارىء مكة توفي سنة 120 هجري وأيضاً روى عنه إثنان دون أن يدركاه وهما أحمد بن البزي ومحمد بن عبد الرحمن المعروف ب(قنبل ) لم يُعرف له مذهب إلا أنه فارسي الأصل
3-    عاصم بن أبي النجود الكوفي - توفي سنة 128 هجري كان قارىء الكوفة ومشهود له بالقراءة كان شيعي المذهب قرأ على ابي عبد الرحمن السلمي عن أمير المؤمنين (ع) روى عنه راويان
أ - حفص بن سليمان الأسدي وكان ربيبه وحفص عُرف أنه من تلاميذ الصادق (ع)
ب- ابو بكر بن عياش الأسدي الكوفي وكان أقل ضبطاً ووثاقة من حفص
4-    أبو عمرو بن العلاء المازني - قارىء البصرة توفي سنة 154 هجري وكان من شيعة اهل البيت (ع) روى عن الإمام الصادق (ع) وكان من أصحابه له راويان بواسطة ابن المبارك اليزدي وهما حفص بن عمر الدوري وصالح بن زياد السوسي
حمزة بن حبيب الزيات الكوفي – قارىء الكوفة توفي سنة 156 هجري وكان موالياً لأهل البيت (ع) ومن أصحاب الصادق (ع) روى عنه بالواسطة كل من خلف بن هشام البزاز وخلاد بن خالد الشيباني
5-    نافع بن عبد الرحمن الليثي – قارىء المدينة توفي سنة 169 هجري لم يُعرف له مذهب روى عنه ربيبه عيسى بن ميناءالمعروف ب(قالون) وعثمان بن سعيد المعروف ب(ورش )
6-    علي بن حمزة الكسائي الكوفي – قارىء الكوفة توفي سنة 189 هجري كان من وجوه الشيعة المعروفين وأديباً لا معاً له باع في التاريخ والأدب روى عنه كل من الليث بن خالد وحفص بن عمر
اما الثلاثة المتممة للعشرة فهم :
7-    خلف بن هشام البزاز البغدادي
8-    يعقوب بن إسحاق الحضرمي البصري
9-    يزيد بن القعقاع المخزومي المدني
والشائع من القراءات هي قراءة حفص عن عاصم عن أمير المؤمنين (ع) عن رسول الله (ص) عن الله عز وجل بواسطة أبي عبد الرحمن السلمي وهي أوثق القراءات وأمتنها وعرفت بالإسناد الذهبي لذا شاعت بين المسلمين وإختارها احمد بن حنبل والذهبي والشاطبي ونفطويه وغيرهم وهكذا يتبين ما للشيعة من فضل في حفظ القرآن إبتداءً بجمعه ( اول من جمع القرآن أمير المؤمنين عليه السلام ) إلى تنقيطه وشكله وقراءته القراءة الصحيحة
·        جواز القراءة بالقراءات المختلفة والإستدلال منها على الأحكام الشرعية
لا شك بجواز قراءة القرآن في الصلاة بأي قراءة كانت معروفة في عصر الأئمة (ع) لعدم ردعهم عنها ورد في الحديث " إقرا كما يقرا الناس اقراؤوا كما عُلّمتم "
أما أنه هل يجوز أخذ ألأحكام الشرعية والإستدلال عليها على أساس هذه القراءات المختلفة ؟ ذهب البعض إلى جواز ذلك بدعوى أنها مروية عن رسول الله (ص) إلا أن ذلك غير صحيح لأننا نقطع أن القرآن واحد وأن هذا الإختلاف منشأه الرواة قال الباقر (ع) :"القرآن واحد نزل من عند واحد ولكن الإختلاف يجيء من قبل الرواة " وعليه فبعض القراءات عملياً لم تصدر عن الرسول (ص)
·        تواتر القراءات
جرى خلاف بين العلماء حول تواترها فذهب جماعة من أهل السنة إلى القول بتواترها وبكفر من ينكر هذا وقد إستدل هؤلاء بأدلة ضعيفة منها إدعاء الإجماع وهذا غير متوفر وهؤلاء إلتبس عليهم الأمر قإعتقدوا أن القول بعدم تواتر القراءات معناه القول بعدم تواتر القرآن نفسه وهذه شبهة كما إستندوا على حديث نزول القرآن على سبعة أحرف وهذا ايضاً غريب لأنه معروف ان القراءات لم تظهر في عصر الدعوة بل تميزت وجُمعت مطلع القرن الثالث هجري فهي لاحقة وليست مرافقة لنزول القرآن وهذا الحديث روي بصيغ مختلفة في كتب الشيعة والسنة إلا أن أسانيده عند الشيعة كلها غير موثقة فلم يعتمد عليها لا بل ورد روايات عن اهل البيت عليهم السلام تنفي نفي قاطع نزول القرآن على سبعة أحرف كما في الرواية عن الصادق " كذبوا أعداء الله ولكنه نزل على حرف واحد من عند واحد " فهذه الرواية بوضوحها تسقط عن الإعتبار روايات نزول القرآن على سبع أحرف
الخلاصة أنه ليست كل أسانيد القراءات إلى النبي (ص) متواترة وبعضها آخبار آحاد فضلاً عن ضعف يشوبها ووجود تناقض بينها بحيث نقطع بعدم تواترها عن النبي (ص) وهذا لا علاقة له البتة بتواتر القرآن الكريم نفسه
والحمد لله رب العالمين
نسألكم الدعاء
كفعمي العاملي

هناك تعليق واحد: