الجمعة، 14 سبتمبر 2012

ثم رحلوا






......ثم رحلوا
كطيور الخريف المهاجرة
أتوا من بعيد
سكنوا ما بين الضلوع
أضرموا فيها حباً وشوقاً
و جاء الربيع
كان حتماً أن يأتي الربيع
...تابعوا سفرهم
بقيت وحيداً في خريفي
إستودعوني ذكريات
ثم رحلوا
............... قريباً سيأتي ربيع جديد ويرحل

كفعمي العاملي 

حفظ السر


حفظ السر


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد

جاء أحد الأشخاص يوماً إلى عارف وقال له : أيها الشيخ لقد جئتك لتخبرني شيئاً من أسرار الحق
فأجابه الشيخ : إرجع غداً صباحاً
وعندما ذهب الرجل قام الشيخ بالقبض على فأرة وضعها في صندق وأحكم إغلاقه وفي اليوم التالي جاء الرجل فقال للشيخ :الآن أجبني بما وعدتني
فأعطاه الشيخ ذلك الصندوق وقال له : إياك أن تفتحه وغداً إرجع إلي واحضره معك
فذهب الرجل بالصندوق إلى بيته ولم يستطيع أن يصبر على معرفة ما في الصندوق ورغم مجاهدة نفسه إلا أن صبره نفذ ففتح الصندوق وإذا بالفأر يخرج منه هارباً
فرجع الرجل في اليوم الثاني إلى الشيخ وقال له : طلبت منك سر الإله فقدمت لي فأراً في صندوق ؟؟؟!!!!!!
فأجابه الشيخ :أيها الدرويش أعطيناك فأراً في صندوق فلم تقدر على حفظه فكيف يمكنك حفظ سر الإله ؟

العرفان والتصوف


العرفان والتصوف



بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
في اللغة العرفان هو المعرفة وفي الإصطلاح هو أسلوب وطريقة خاصة للوصول إلى معرفة حقائق الوجود ولابد من التأكيد في البداية على مسألة مهمة وهي عدم الخلط بين العرفان والتصوف طبعاً ليس بمعنى إنكار وجود عناصر مشتركة بل التنبيه على أن هناك تفاوت كبير بين الإثنين فليس بالضرورة كل متصوف عارف ولا كل عارف متصوف
يقول الشهيد الشيخ مرتضى مطهري :" إذا كان الحديث عن الناحية الفكرية عند أهل العرفان يُسمّون بالعرفاء وكلما كان عن الناحية الإجتماعية (السلوك الإجتماعي) يُسمّون بالمتصوفين "
يقول إبن سينا :" من غض طرفه عن التنعم بالدنيا يسمى (الزاهد) ومن يداوم على أداء العبادات يسمى (العابد ) ومن منع ضميره من التوجه إلى غير الحق ووجهه إلى عالم القدس كي يشرق عليه نور الحق يسمى (العارف ) والعارف يريد الحق لا لشيء غير الحق ولا يرجح شيئاً على معرفة الحق وعبادته لأته أهل للعبادة ولإن العبادة هي إرتباط شريف في نفسه وليس لأجل الميل والطمع بشيء أو الخوف من شيء "
وفي اللغة التصوف مشتق من الصوف وفي الإصطلاح الشائع التصوف هو لبس الصوف الخشن ومن الصعب تعريف التصوف بشكل محدد نظراً لتطوره وتحوله الدائم
يقول إبن عربي :" التصوف هو الوقوف على آداب الشريعة ظاهراً وباطناً وهو عبارة عن الأخلاق الإلهية "
ويقول الجنيد : " التصوف هو عدم التعلق بغير الله "
ويقول شبلي :" التصوف ضبط حواسك ومراعاة أنفاسك "      
وأيضاً لا بد من التأكيد أنه نتيجة جهل البعض بحقيقة الدين الإسلامي أنكر وجود معاني عميقة ولطيفة عالية في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وبالتالي أنكر وجود هذا اللون من المعرفة في الإسلام قطعاً إن للعرفان والتصوف جذور ضاربة في أعماق التاريخ وأيضاً لا ننكر أن بعض المذاهب الصوفية أصابها الإنحراف نتيجة تأثرها بمدارس دينية أخرى أو سوء فهم للتعاليم الإسلامية  أو نتيجة ردة فعل على أوضاع إجتماعية معينة سادت المجتمعات الإسلامية في فترات تاريخية معينة  ولكن هذا لا يمنع أن نقول وبضرس قاطع أن العرفان الإسلامي نبع وتطور من القرآن الكريم وما ورد عن اهل بيت الوحي (ع) وأن هناك من العرفاء من إستطاع أن يبين قواعده وضوابطه الصحيحة وإستندوا وإستدلوا عليها من خلال الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة والأدعية المأثورة وأكرر أن هذا لا يعني طبعاً أن جميع العرفاء والمتصوفين سلكوا مسلكاً صحيحاً      

العرفان مسلك خاص لا يعتمد على العلم فقط بل العمل هو الأصل والأساس فيه ووفق هذا المسلك  العلم يكون حاصل العمل أي من أجل الوصول إلى معرفة الحقيقة يجب طي المراحل والإنطلاق نحو السير والسلوك وأن الحقيقة لها ظاهر وباطن وأن هناك إرتباط مميز بين الإنسان والحقيقة الكلية للكون وأنه بالإمكان الوصول والإتحاد والفناء والبقاء بها
ويُفهم من كلام العرفاء أن الكشف والشهود العرفاني هو نوع من المعرفة التي تنبع من القلب ووسيلته تزكية وتصفية الروح فهذا النوع من المعرفة لا يحصل من التجربة الحسية او الفكر الإستدلالي بل يحصل في القلب من طريق السير والسلوك العملي ويجدها قلب الإنسان
ونرى هذا المعنى موجود في آيات قرآنية تتحدث عن نوع من المعرفة لا يحصل من خلال الدرس والتجربة والتأملات الفلسفية بل عن طريق العمل بالشريعة والسير والسلوك نحو الحق تعالى وأيضاً يُستدل على هذا المعنى من روايات عديدة واضحة وجليّة
كفعمي العاملي     

شكراً مليكَ الشعبِ قد أنعمتَ في منح المكارم



شكراً مليكَ الشعبِ قد أنعمتَ في منح المكارم
مَلِكٌ حباهُ الله شعباً واعياً حراً مسالم
فأتى بجيش الجارة العمياء مصطنع الملاحم
درعُ الحظيرة والحظيرةُ ما بها إلا البهائم
جائوا وهم مَنْ سـّطروا التاريخ في أقسى الهزائم
قالوا لهم هاذي الخوارجُ فافعلوا كل المآثم
أموالُهُم أعراضهم يا مارقين لكم غنائمْ
هُبّوا لهم كي تسرقوا ما طاب في أحلى المواسم
هَدمَوا المساجدَ والمضائفَ والمراقد والمآتمَ
وسُجونهم حَوتْ الموظفَ والمدرسَ والمُلاكم
وبها الطبيبُ بها الممرضُ والمُحاسبُ والعمائم
وبها المحامي والرياضي والمُدافعُ والمهاجم!!
من بعدها جائوا ببسيوني لكي يُحصي الجرائم
فتفتّقَت افكاره للناسِ رأياً كان جازم
ما قد جرى خَطأٌ بسيطٌ لا أرى أبداً مظالم
والجانِ مجتهدٌ لهُ أجرٌ يُضافُ وليس آثم
باللهِ أنتَ مُحقِقٌ يا شيخ أما قد كنتَ عالم؟
خطاٌ بسيطٌ أن يهاجمكَ الرصاصُ وانتَ نائم؟!!
خطأٌ بسيطٌ يستبيحُ الجيشُ عرضكَ والمحارم؟!!
خطأُ بسيطٌ ذلك الإعلام يصطنعُ المزاعم
كلُ البرامجِ خُصصت للبثِ في كيل التهائم
خطاُ بسيطٌ ان تجرجرَ من تكلمَ للمحاكم؟!!
خطأٌ بسيطٌ يسقطُ القتلى من الشعبِ المسالم؟
لم يعرفوا الجاني وما قد حاسبوهُ على الجرائم
لكنهمُ عرفوا بقاتلِ دميةٍ تُدعى الملازم
خطأٌ بسيطٌ ذلك التعذيب في التوقيفِ قائم
بالبصقِ والركلاتِ والصفعاتِ تبتدأ المراسم
ادخل لذاك السجنِ واخرجْ مثلما قد جئتَ سالم
فصلوا المواطنَ من وظيفتهِ وما في القومِ راحم
خطأٌ بسيطٌ أن تُجوّعَ أسرةً والكلُ صائمْ
كم طالبِ قد عاش طول العمرِ بالإنجاز حالم
فصلوهُ كي يقضوا على الحلم الذي قد كان راسم
باللهِ هل تلك العدالة عندكم وهي الجرائم؟!!
أيُ الشعوبِ اليومَ شعبي قد بُليتَ بأي حاكم
من قد جنى هذا أيُنعتُ في الصفات بغيرِ ظالم؟!
إنْ كنتَ تحسبُ أنّ هذا الشعب يسكتُ أنتَ واهم
لسنا كمن عبدوا المناصب والمصالحَ والدراهم
بل شعبنا صنعَ الملاحم وهو يمتلكُ العزائم
لا تحتقر كيد الضعيفِ وليس غيرَ اللهِ دائمْ
تحت الثرى البركانُ يغلي باللظى والشعبُ ناقم
فاصبر فإنّا قد صبرنا قبلكم والنصرُ قادم




جسد يحتوي روحين


.. تذكر يوم أقولك جسد يحتوي روحين ..
.. وأوعدك ما أخليك وتوعد ما تخليني ..
.. أذكر يومها أشوف بالدنيا بس اثنـين ..
.. قلبي اللي يحبك وقلبك اللي يحويني ..
.. بعدها بأيام شفت ايدك تحتضن ايدين ..
.. وانصدمت يوم شفت إنها غير ايديني ..
.. سكت لجل خاطرك وقلت مرحبا بالزين ..
.. مرحبا باللي القلب لجلـه حيل كاويني ..
.. مر يوم واسبوع وشهر وبعدها شهرين ..
.. وهو لازال مايدري بإني شفته بعيني ..
.. وأخاف إني أقوله له خاين وينجرح بعدين ..
.. وأخاف أسكت وبسكوتي صمتي حيل يشقيني ..
.. واجهته وأنا أبكي والعين تحتضن العين ..
.. سألته : ليه تنسـاني ؟ وإلا ماكنت تغليني ؟؟
.. سكت ولفّ عني وخبى وجهه بالإيدين ..
.. اللي كانت تحضني وغيرها ما تدفيني ..
.. سحبت وجهه و مسحت الدمع على الخدين ..
.. وقلت له والله أحبك ولو إنك تخليني ..!
.. سكت فتره وقال لي : لازلتي تحبين ؟؟
.. بعد اللي تشوفينه لا زلتي تحبيني ؟؟
.. ابتسمت وقلت أجل ماعرفت للحين ..
.. إني أحبك حيل واللي يرضيك يرضيني ..
.. سكت فتره وأنا أعاود فرحة بقت لسنين ..
.. وتركته وتركت حبه اللي بقى فيني ..
.. وصارت الدمعـة إذا هلّت أقول أهلين ..
.. والبسمة هجرتني ونست دربها فيني ..
.. بعدها بـأيام سمعت خبر والله شين ..
.. سمعت إنه مـاااات وهو يطلب يلاقيني ..
.. ويوم إني رحت .. وصيته لي بورقتين ..
.. الأولى بها اسمي كتب بدمه يغليني ..
.. والثانيه يقول فيها: أبي أوضحلك شيئين ..
.. الأول أحبك حيل وماسكن غيرك شراييني ..
.. والثاني أمانه لا جيتي لأهلي تعزيّن ..
.. لا تنزل دموعك لي طلبتك لاتَبْكِينِي ..
.. كل اللي أبيه إنك بالخير لي تدعين ..
.. وإنك بالشهر مره بقبري تزوريني ..
.. واللي أبيك تعرفيه ومهم إنك تعرفين ..
.. اللي شفتيها معي كانت بموتي تبشّرني ..
.. انا اللي خليتك من كيفي عني تبعدين ..
.. لجل ما ينجرح قلبك بلحظة موت تحويني ..
.. تكفين لا تظنين إني خنتك ياالغلا تكفين ..
.. وإذا لازلتي تحبيني دايم بـالخير ذكريني ..
.. سكت وقلت : ياليتني ظليت معك يازين ..
.. وشفت الموت ياخذك مني ولاكذا تخليني ..
.. تظنون إني نسيت أو الدمع جف بالعين ؟
.. لا والله إلين اليوم وهو معي يخاويني ..
.. لو تدور الدنيـا ولو تمر بعدها سنين ..
.. ما نسيته لو أشوف أحفـااادي حواليني ..

الخميس، 13 سبتمبر 2012

قصيدة الشيخ صالح بن العرندس



قصيدة الشيخ صالح بن العرندس التي اشتهر بين الأصحاب أنها ماقرأت في محفل إلا وحضر المولى عجل الله 
فرجه واُستجيب بها الدعاء



بسم الله الرحمن الرحيم 
اللهم صل على محمد وآل محمد

طوايا نظامي في الزمان لها نشر * يعطرها من طيب ذكراكم نشر
قصائد ما خابت لهن مقاصد * بواطنها حمد ظواهرها شكر
مطالعها تحكي النجوم طوالعا * فأخلاقها زهر وأنوارها زهر
عرائس تجلي حين تجلي قلوبنا * أكاليلها در وتيجانها تبر
حسان لها حسان بالفضل شاهد * على وجهها تبر يزان بها التبر
أنظمها نظم اللئالي وأسهر الليالي * ليحيى لي بها وبكم ذكر
فيا ساكني أرض الطفوف عليكم * سلام محب ما له عنكم صبر
نشرت دواوين الثنا بعد طيها * وفي كل طرس من مديحي لكم سطر
فطابق شعري فيكم دمع ناظري * فمبيض ذا نظم ومحمر ذا نثر
فلا تتهموني بالسلو فإنما * مواعيد سلواني وحقكم الحشر
فذلي بكم عز وفقري بكم غنى * وعسري بكم يسر وكسري بكم جبر
ترق بروق السحب لي من دياركم * فينهل من دمعي لبارقها القطر
فعيناي كالخنساء تجري دموعها * وقلبي شديد في محبتكم صخر
وقفت على الدار التي كنتم بها * فمغناكم من بعد معناكم فقر
وقد درست منها الدروس وطالما * بها درس العلم الآلهي والذكر
وسالت عليها من دموعي سحائب * إلى أن تروى البان بالدمع والسدر
فراق فراق الروح لي بعد بعدكم * ودار برسم الدار في خاطري الفكر
وقد أقلعت عنها السحاب ولم يجد * ولا در من بعد الحسين لها در
إمام الهدى سبط النبوة والد الأئمة * رب النهي مولى له الأمر
إمام أبوه المرتضى علم الهدى * وصي رسول الله والصنو والصهر
إمام بكته الإنس والجن والسما * ووحش الفلا والطير والبر والبحر
له القبة البيضاء بالطف لم تزل * تطوف بها طوعا ملائكة غر
وفيه رسول الله قال وقوله * صحيح صريح ليس في ذلكم نكر
: حبي بثلاث ما أحاط بمثلها * ولي فمن زيد هناك ومن عمرو؟
له تربة فيها الشفاء وقبة * يجاب بها الداعي إذا مسه الضر
وذرية ذرية منه تسعة * أئمة حق لا ثمان ولا عشر
أيقتل ظمآنا حسين بكربلا * وفي كل عضو من أنامله بحر؟
ووالده الساقي على الحوض في غد * وفاطمة ماء الفرات لها مهر
فوالهف نفسي للحسين وما جنى * عليه غداة الطف في حربه الشمر
رماه بجيش كالظلام قسيه الأهلة * والخرصان أنجمه الزهر
لراياتهم نصب وأسيافهم جزم * وللنقع رفع والرماح لها جر
تجمع فيها من طغاة أمية * عصابة غدر لا يقوم لها عذر
وأرسلها الطاغي يزيد ليملك ال* - عراق وما أغنته شام ولا مصر
وشد لهم أزرا سليل زيادها * فحل به من شد أزرهم الوزر
وأمر فيهم نجل سعد لنحسه * فما طال في الري اللعين له عمر
فلما التقى الجمعان في أرض كربلا * تباعد فعل الخير واقترب الشر
فحاطوا به في عشر شهر محرم * وبيض المواضي في الأكف لها شمر
فقام الفتى لما تشاجرت القنا * وصال وقد أودى بمهجته الحر
وجال بطرف في المجال كأنه * دجى الليل في لألآء غرته الفجر
له أربع للريح فيهن أربع * لقد زانه كرو ما شأنه الفر
ففرق جمع القوم حتى كأنهم * طيور بغاث شت شملهم الصقر
فأذكرهم ليل الهرير فاجمع الكلاب * على الليث الهزبر وقد هروا
هناك فدته الصالحون بأنفس * يضاعف في يوم الحساب لها الأجر
وحادوا عن الكفار طوعا لنصره * وجاد له بالنفس من سعده الحر
ومدوا إليه ذبلا سمهرية * لطول حياة السبط في مدها جزر
فغادره في مارق الحرب مارق * بسهم لنحر السبط من وقعه نحر
فمال عن الطرف الجواد أخو الندى * الجواد قتيلا حوله يصهل المهر
سنان سنان خارق منه في الحشا * وصارم شمر في الوريد له شمر
تجر عليه العاصفات ذيولها * ومن نسج أيدي الصافنات له طمر
فرجت له السبع الطباق وزلزلت * رواسي جبال الأرض والتطم البحر
فيا لك مقتولا بكته السما دما * فمغبر وجه الأرض بالدم محمر
ملابسه في الحرب حمر من الدما * وهن غداة الحشر من سندس خضر
ولهفي لزين العابدين وقد سرى * أسيرا عليلا لا يفك له أسر
وآل رسول الله تسبى نسائهم * ومن حولهن الستر يهتك والخدر
سبايا بأكوار المطايا حواسرا * يلاحظهن العبد في الناس والحر
ورملة في ظل القصور مصونة * يناط على أقراطها الدر والتبر
فويل يزيد من عذاب جهنم * إذا أقبلت في الحشر فاطمة الطهر
ملابسها ثوب من السم أسود * وآخر قان من دم السبط محمر
تنادي وأبصار الأنام شواخص * وفي كل قلب من مهابتها ذعر
وتشكو إلى الله العلي وصوتها * علي ومولانا علي لها ظهر
فلا ينطق الطاغي يزيد بما جنى * وأنى له عذر ومن شأنه الغدر؟
فيؤخذ منه بالقصاص فيحرم النعيم * ويخلى في الجحيم له قصر
ويشدو له الشادي فيطر به الغنا * ويسكب في الكاس النضار له خمر
فذاك الغنا في البعث تصحيفه العنا * وتصحيف ذاك الخمر في قلبه الجمر
أيقرع جهلا ثغر سبط محمد * وصاحب ذاك الثغر يحمى به الثغر؟
فليس لأخذ الثار إلا خليفة * يكون لكسر الدين من عدله جبر
تحف به الأملاك من كل جانب * ويقدمه الاقبال والعز والنصر
عوامله في الدار عين شوارع * وحاجبه عيسى وناظره الخضر
تظلله حقا عمامة جده * إذا ما ملوك الصيد ظللها الجبر
محيط على علم النبوة صدره * فطوبى لعلم ضمه ذلك الصدر
هو ابن الإمام العسكري محمد التقي * النقي الطاهر العلم الحبر
سليل علي الهادي ونجل محمد الجواد* ومن في أرض طوس له قبر
علي الرضا وهو ابن موسى الذي قضى * ففاح على بغداد من نشره عطر
وصادق وعد إنه نجل صادق * إمام به في العلم يفتخر الفخر
وبهجة مولانا الإمام محمد * إمام لعلم الأنبياء له بقر
سلالة زين العابدين الذي بكى * فمن دمعه يبس الأعاشيب مخضر
سليل حسين الفاطمي وحيدر الوصي * فمن طهر نمى ذلك الطهر
له الحسن المسموم عم فحبذا الإمام * الذي عم الورى جوده الغمر
سمي رسول الله وارث علمه * إمام على آبائه نزل الذكر
هم النور نور الله جل جلاله * هم التين والزيتون والشفع والوتر
مهابط وحي الله خزان علمه * ميامين في أبياتهم نزل الذكر
وأسمائهم مكتوبة فوق عرشه * ومكنونة من قبل أن يخلق الذر
ولولاهم لم يخلق الله آدما * ولا كان زيد في الأنام ولا عمرو
ولا سطحت أرض ولا رفعت سما * ولا طلعت شمس ولا أشرق البدر
ونوح به في الفلك لما دعا نجا * وغيض به طوفانه وقضى الأمر
ولولاهم نار الخليل لما غدت * سلاما وبردا وانطفى ذلك الجمر
ولولاهم يعقوب ما زال حزنه * ولا كان عن أيوب ينكشف الضر
ولان لداود الحديد بسرهم * فقدر في سرد يحير به الفكر
ولما سليمان البساط به سرى * أسيلت له عين يفيض له القطر
وسخرت الريح الرخاء بأمره * فغدوتها شهر وروحتها شهر
وهم سر موسى والعصا عندما عصى * أوامره فرعون والتقف السحر
ولولاهم ما كان عيسى بن مريم * لعازر من طي اللحود له نشر
سرى سرهم في الكائنات وفضلهم * وكل نبي فيه من سرهم سر
علا بهم قدري وفخري بهم غلا * ولولاهم ما كان في الناس لي ذكر
مصابكم يا آل طه! مصيبة * ورزء على الاسلام أحدثه الكفر
سأندبكم يا عدتي عند شدتي * وأبكيكم حزنا إذا أقبل العشر
عرائس فكر الصالح بن عرندس * قبولكم يا آل طه لها مهر
وكيف يحيط الواصفون بمدحكم * وفي مدح آيات الكتاب لكم ذكر؟
ومولدكم بطحاء مكة والصفا * وزمزم والبيت المحرم والحجر
جعلتكم يوم المعاد وسيلتي * فطوبى لمن أمسى وأنتم له ذخر
سيبلي الجديدان الجديد وحبكم * جديد بقلبي ليس يخلقه الدهر
عليكم سلام الله ما لاح بارق * وحلت عقود المزن وانتشر القطر

أخلاق وعبادة الإمام الصادق عليه السلام


 أخلاق وعبادة الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد

إخترت هذه الطائفة من الأحاديث في مناقب الإمام الصادق عليه السلام وأسأل الله تعالى أن يوفقنا للإقتداء بمن هو اسوتنا   



- عن مالك بن أنس إمام المالكية إنه قال : كان جعفر بن محمد الصادق (ع) لا يخلو من إحدى ثلاث خصال إما صائماً وإما قائماً وإما ذاكراً وكان (ع) من عظماء العبّاد وأكابر الزهاد الذين يخشون الله عز وجل وكان كثير الحديث طيب المجالسة كثير الفوائد فإذا قال: قال رسول الله (ص) اخضرّ مرة واصفرّ أخرى حتى ينكره من يعرفه ولقد حججت معه سنة فلما استوت به راحلته عند الإحرام كان كلما هم بالتلبية انقطع الصوت في حلقه وكاد أن يخر من راحلته فقلت: قل يا ابن رسول الله ولابد لك من أن تقول فقال (ع) : يا ابن أبي عامر كيف أجسر أن أقول: (لبيك اللهم لبيك) وأخشى أن يقول عزوجل لي: لا لبيك ولا سعديك
- دخل على أبي عبد الله الصادق (ع) بعض أصحابه فرأى عليه قميصاً فيه قب قد رقعه فجعل ينظر إليه فقال له أبو عبد الله (ع) : ما لك تنظر؟
فقال: قب ملقى في قميصك.
قال:  فقال لي : اضرب يدك إلى هذا الكتاب فاقرأ ما فيه وكان بين يديه كتاب أو قريب منه  فنظر الرجل فيه فإذا فيه : (لا إيمان لمن لا حياء له ولا مال لمن لا تقدير له ولا جديد لمن لا خلق له)

- أتى رجل أبا عبد الله (ع) فقال: إن فلاناً ذكرك فما ترك شيئاً من الوقيعة والشتيمة إلاّ قاله فيك
فقال أبو عبد الله (ع) للجارية : ائتيني بوضوء فتوضأ (ع) ودخل فقلت في نفسي : يدعو عليه فصلى (ع) ركعتين فقال: يا رب هو حقي قد وهبته وأنت أجود مني وأكرم فهبه لي ولا تؤاخذه بي ولا تقايسه ثم رق فلم يزل يدعو فجعلت أتعجب
- بعث أبو عبد الله الصادق (ع) غلاماً له في حاجة فأبطأ فخرج الصادق (ع) في أثره، فوجده نائماً ! فجلس (ع) عند رأسه يروّحه حتى انتبه فلما انتبه قال (ع) : يا فلان، والله ما ذاك لك تنام الليل والنهار لك الليل ولنا منك النهار
- عن سالمة مولاة أبي عبد الله (ع) قالت: كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) حين حضرته الوفاة وأغمي عليه فلما أفاق قال :أعطوا فلاناً سبعين ديناراً وأعطوا فلاناً كذا وفلاناً كذا
فقلت: أتعطي رجلاً حمل عليك بالشفرة يريد أن يقتلك؟!
قال: تريدين أن لا أكون من الذين قال الله عز وجل: (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب) نعم يا سالمة إن الله تعالى خلق الجنة فطيبها وإن ريحها ليوجد من مسيرة ألفي عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم
- عن معلّى بن خنيس قال: خرج أبو عبد الله (ع) في ليلة قد رشّت السماء وهو يريد ظلّة بني ساعدة فاتبعته فإذا هو قد سقط منه شيء فقال: بسم الله اللهم ردّ علينا
قال: فأتيته فسلّمت عليه
فقال:أنت معلّى؟
قلت: نعم جعلت فداك
فقال لي :التمس بيدك فما وجدته من شيء فادفعه إليّ
قال: فإذا بخبز منتشر فجعلت أدفع إليه ما وجدت فإذا أنا بجراب من خبز
فقلت: جعلت فداك أحمله عنك؟
فقال: لا أنا أولى به منك ولكن امضي معي
قال: فأتينا ظلة بني ساعدة فإذا نحن بقوم نيام فجعل يدسّ الرغيف والرغيفين تحت ثوب كل واحد منهم حتى أتى على آخره ثم انصرفنا
فقلت: جعلت فداك يعرف هؤلاء الحق؟
فقال: لو عرفوا لواسيناهم بالدقة والدقة هي الملح إن الله لم يخلق شيئا إلا وله خازن يخزنه إلا الصدقة فإن الرب تبارك وتعالى يليهما بنفسه وكان أبي إذا تصدق بشيء وضعه في يد السائل ثم ارتده منه وقبله وشمه ثم رده في يد السائل وذلك أنها تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل فأحببت أن أناول ما ولاها الله تعالى إن صدقة الليل تطفئ غضب الرب وتمحق الذنب العظيم وتهون الحساب وصدقة النهار تثمر المال وتزيد في العمر إن عيسى ابن مريم (ع) لما مر على البحر ألقى بقرص من قوته في الماء فقال له بعض الحواريين: يا روح الله وكلمته لم فعلت هذا هو من قوتك؟ قال: فعلت هذا لتأكله دابة من دواب الماء وثوابه عند الله العظيم 

الأربعاء، 12 سبتمبر 2012

وصية الإمام الصادق (ع) لعبد الله بن جندب


وصية الإمام الصادق عليه السلام لعبد الله بن جندب هي ككل وصايا محمد وآل محمد كلمات من نور لو كُتبت أحرفها بماء الذهب لكان قليل جداً هذه الوصية حاوية جامعة حبذا لو تعطوها قليلاً من وقتكم



قال الصادق (ع) في وصيته لعبد الله بن جندب: يا عبد الله لقد نصب إبليس حبائله في دار الغرور فما يقصد فيها إلا أولياءنا ولقد جلت الآخرة في أعينهم حتى ما يريدون بها بدلا  آه آه على قلوب حشيت نورا وإنما كانت الدنيا عندهم بمنزلة الشجاع الأرقم والعدو الأعجم أنسوا بالله واستوحشوا ممابه استأنس المترفون أولئك أوليائي حقا وبهم تكشف كل فتنة وترفع كل بلية.
يا ابن جندب حق على كل مسلم يعرفنا أن يعرض عمله في كل يوم وليلة على نفسه فيكون محاسب نفسه فإن رأى حسنة استزاد منها وإن رأى سيئة استغفر منها لئلا يخزى يوم القيامة طوبى لعبد لم يغبط الخاطئين على ما أوتوا من نعيم الدنيا وزهرتها طوبى لعبد طلب الآخرة وسعى لها طوبى لمن لم تلهه الأماني الكاذبة رحم الله قوما كانوا سراجا ومنارا كانوا دعاة إلينا بأعمالهم ومجهود طاقتهم ليس كمن يذيع أسرارنا
يا ابن جندب إنما المؤمنون الذين يخافون الله ويشفقون أن يسلبوا ما أعطوا من الهدى فإذا ذكروا الله ونعماءه وجلوا وأشفقوا وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا مما أظهره من نفاذ قدرته وعلى ربهم يتوكلون
يا ابن جندب قديماً عمّر الجهل وقوي أساسه وذلك لاتخاذهم دين الله لعبا حتى لقد كان المتقرب منهم إلى الله بعلمه يريد سواه أولئك هم الظالمون.
يا ابن جندب لوأن شيعتنا استقاموا لصافحتهم الملائكة ولأظلهم الغمام ولأشرقوا نهارا ولأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ولما سألوا الله شيئا إلا أعطاهم
يا ابن جندب لا تقل في المذنبين من أهل دعوتكم إلا خيرا واستكينوا إلى الله في توفيقهم وسلوا التوبة لهم فكل من قصدنا ووالانا ولم يوال عدونا وقال ما يعلم وسكت عما لا يعلم أو أشكل عليه فهو في الجنة
يا ابن جندب يهلك المتكل على عمله ولا ينجو المجترئ على الذنوب الواثق برحمة الله قلت: فمن ينجو؟ قال: الذين هم بين الرجاء والخوف كأن قلوبهم في مخلب طائر شوقا إلى الثواب وخوفا من العذاب.
يا ابن جندب، من سره أن يزوجه الله الحور العين ويتوجه بالنور فليدخل على أخيه المؤمن السرور
يا ابن جندب أقل النوم بالليل والكلام بالنهار فما في الجسد شيء أقل شكرا من العين واللسان فإن أم سليمان قالت لسليمان (ع) : يا بني إياك والنوم فإنه يفقرك يوم يحتاج الناس إلى أعمالهم
يا ابن جندب إن للشيطان مصائد يصطاد بها فتحاموا شباكه ومصائد
قلت: يا ابن رسول الله وما هي؟
قال:أما مصائده فصد عن بر الإخوان وأما شباكه فنوم عن قضاء الصلوات التي فرضها الله أما إنه ما يعبد الله بمثل نقل الأقدام إلى بر الإخوان وزيارتهم ويل للساهين عن الصلوات النائمين في الخلوات المستهزئين بالله وآياته في الفترات أولئك الذين لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم
يا ابن جندب من أصبح مهموما لسوى فكاك رقبته فقد هون عليه الجليل ورغب من ربه في الربح الحقير ومن غش أخاه وحقره وناوأه جعل الله النار مأواه ومن حسد مؤمنا انماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء
يا ابن جندب الماشي في حاجة أخيه كالساعي بين الصفا والمروة وقاضي حاجته كالمتشحط بدمه في سبيل الله يوم بدر وأحد وما عذب الله أمة إلا عند استهانتهم بحقوق فقراء إخوانهم
يا ابن جندب بلغ معاشر شيعتنا وقل لهم: لا تذهبن بكم المذاهب فو الله لا تنال ولايتنا إلا بالورع والاجتهاد في الدنيا ومواساة الإخوان في الله وليس من شيعتنا من يظلم الناس
يا ابن جندب إنما شيعتنا يعرفون بخصال شتى بالسخاء والبذل للإخوان وبأن يصلوا الخمسين ليلا ونهارا شيعتنا لا يهرون هرير الكلب ولا يطمعون طمع الغراب ولا يجاورون لنا عدوا ولا يسألون لنا مبغضا ولو ماتوا جوعا شيعتنا لا يأكلون الجري ولا يمسحون على الخفين ويحافظون على الزوال ولا يشربون مسكرا
قلت: جعلت فداك فأين أطلبهم؟
قال (ع) :على رؤوس الجبال وأطراف المدن وإذا دخلت مدينة فسل عمن لا يجاورهم ولا يجاورونه فذلك مؤمن كما قال الله: (وجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى) والله لقد كان حبيب النجار وحده
يا ابن جندب كل الذنوب مغفورة سوى عقوق أهل دعوتك وكل البر مقبول إلا ما كان رياء
يا ابن جندب أحبب في الله واستمسك بالعروة الوثقى واعتصم بالهدى يقبل عملك فإن الله يقول : إلا مَن (آمَنَ وعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) فلا يقبل إلا الإيمان ولا إيمان إلا بعمل ولا عمل إلا بيقين ولا يقين إلا بالخشوع وملاكها كلها الهدى فمن اهتدى يقبل عمله وصعد إلى الملكوت متقبلا والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم
يا ابن جندب إن أحببت أن تجاور الجليل في داره وتسكن الفردوس في جواره فلتهن عليك الدنيا واجعل الموت نصب عينك ولا تدخر شيئا لغد واعلم أن لك ما قدمت وعليك ما أخرت
يا ابن جندب من حرم نفسه كسبه فإنما يجمع لغيره ومن أطاع هواه فقد أطاع عدوه من يثق بالله يكفه ما أهمه من أمر دنياه وآخرته ويحفظ له ما غاب عنه وقد عجز من لم يعد لكل بلاء صبرا ولكل نعمة شكرا ولكل عسر يسرا صبّر نفسك عند كل بلية في ولد أو مال أو رزية فإنما يقبض عاريته ويأخذ هبته ليبلو فيهما صبرك وشكرك وارج الله رجاء لا يجرّيك على معصيته وخفه خوفا لا يؤيسك من رحمته ولا تغتر بقول الجاهل ولا بمدحه فتكبر وتجبر وتعجب بعملك فإن أفضل العمل العبادة والتواضع فلا تضيع مالك وتصلح مال غيرك ما خلفته وراء ظهرك واقنع بما قسمه الله لك ولا تنظر إلا إلى ما عندك ولا تتمن ما لست تناله فإن من قنع شبع ومن لم يقنع لم يشبع وخذ حظك من آخرتك ولا تكن بطرا في الغنى ولا جزعا في الفقر ولا تكن فظا غليظا يكره الناس قربك ولا تكن واهنا يحقرك من عرفك ولا تشار من فوقك ولا تسخر بمن هو دونك ولا تنازع الأمر أهله ولا تطع السفهاء ولاتكن مهينا تحت كل أحد ولا تتكلن على كفاية أحد وقف عند كل أمر حتى تعرف مدخله من مخرجه قبل أن تقع فيه فتندم واجعل قلبك قريبا تشاركه واجعل عملك والدا تتبعه واجعل نفسك عدوا تجاهده وعارية تردها فإنك قد جعلت طبيب نفسك وعرفت آية الصحة وبين لك الداء ودللت على الدواء فانظر قيامك على نفسك وإن كانت لك يد عند إنسان فلا تفسدها بكثرة المن والذكر لها ولكن أتبعها بأفضل منها فإن ذلك أجمل بك في أخلاقك وأوجب للثواب في آخرتك وعليك بالصمت تعد حليما جاهلا كنت أو عالما فإن الصمت زين لك عند العلماء وستر لك عند الجهال
يا ابن جندب إن عيسى بن مريم (ع) قال لأصحابه: أرأيتم لو أن أحدكم مر بأخيه فرأى ثوبه قد انكشف عن بعض عورته أكان كاشفا عنها كلها أم يرد عليها ما انكشف منها؟ قالوا: بل نرد عليها قال: كلا بل تكشفون عنها كلها فعرفوا أنه مثل ضربه لهم فقيل: يا روح الله وكيف ذلك؟ قال: الرجل منكم يطلع على العورة من أخيه فلا يسترها بحق أقول لكم إنكم لا تصيبون ما تريدون إلا بترك ما تشتهون ولا تنالون ما تأملون إلا بالصبر على ما تكرهون إياكم والنظرة فإنها تزرع في القلب الشهوة وكفى بها لصاحبها فتنة طوبى لمن جعل بصره في قلبه ولم يجعل بصره في عينه لا تنظروا في عيوب الناس كالأرباب وانظروا في عيوبكم كهيئة العبيد إنما الناس رجلان مبتلى ومعافى فارحموا المبتلى واحمدوا الله على العافية
يا ابن جندب صل من قطعك وأعط من حرمك وأحسن إلى من أساء إليك وسلم على من سبك وأنصف من خاصمك واعف عمن ظلمك كما أنك تحب أن يعفى عنك فاعتبر بعفو الله عنك، ألا ترى أن شمسه أشرقت على الأبرار والفجار وأن مطره ينزل على الصالحين والخاطئين
يا ابن جندب لا تتصدق على أعين الناس ليزكوك فإنك إن فعلت ذلك فقد استوفيت أجرك ولكن إذا أعطيت بيمينك فلا تطلع عليها شمالك فإن الذي تتصدق له سرا يجزيك علانية على رؤوس الأشهاد في اليوم الذي لا يضرك أن لا يطلع الناس على صدقتك واخفض الصوت إن ربك الذي يعلم ما تسرون وما تعلنون قد علم ما تريدون قبل أن تسألوه وإذا صمت فلا تغتب أحدا ولاتلبسوا صيامكم بظلم ولا تكن كالذي يصوم رئاء الناس مغبرة وجوههم شعثة رؤوسهم يابسة أفواههم لكي يعلم الناس أنهم صيام
يا ابن جندب الخير كله أمامك وإن الشر كله أمامك ولن ترى الخير والشر إلا بعد الآخرة لأن الله جل وعز جعل الخير كله في الجنة والشر كله في النار لأنهما الباقيان والواجب على من وهب الله له الهدى وأكرمه بالإيمان وألهمه رشده وركب فيه عقلا يتعرف به نعمه وآتاه علما وحكما يدبر به أمر دينه ودنياه أن يوجب على نفسه أن يشكر الله ولا يكفره وأن يذكر الله ولاينساه وأن يطيع الله ولا يعصيه؛ للقديم الذي تفرد له بحسن النظر وللحديث الذي أنعم عليه بعد إذ أنشأه مخلوقا وللجزيل الذي وعده والفضل الذي لم يكلفه من طاعته فوق طاقته وما يعجز عن القيام به وضمن له العون على تيسير ما حمله من ذلك وندبه إلى الاستعانة على قليل ما كلفه وهو معرض عما أمره وعاجز عنه قد لبس ثوب الاستهانة فيما بينه وبين ربه متقلدا لهواه ماضيا في شهواته مؤثرا لدنياه على آخرته وهو في ذلك يتمنى جنان الفردوس وما ينبغي لأحد أن يطمع أن ينزل بعمل الفجار منازل الأبرار أما إنه لو وقعت الواقعة وقامت القيامة وجاءت الطامة ونصب الجبار الموازين لفصل القضاء وبرز الخلائق ليوم الحساب أيقنت عند ذلك لمن تكون الرفعة والكرامة وبمن تحل الحسرة والندامة فاعمل اليوم في الدنيا بما ترجو به الفوز في الآخرة.
يا ابن جندب قال الله جل وعز في بعض ما أوحى : إنما أقبل الصلاة ممن يتواضع لعظمتي ويكف نفسه عن الشهوات من أجلي ويقطع نهاره بذكري ولا يتعظم على خلقي ويطعم الجائع ويكسو العاري ويرحم المصاب ويؤوي الغريب فذلك يشرق نوره مثل الشمس أجعل له في الظلمة نورا وفي الجهالة حلما أكلؤه بعزتي واستحفظه ملائكتي يدعوني فألبيه ويسألني فأعطيه فمثل ذلك العبد عندي كمثل جنات الفردوس لا يسبق أثمارها ولا تتغير عن حالها.
يا ابن جندب الإسلام عريان فلباسه الحياء وزينته الوقار ومروءته العمل الصالح وعماده الورع ولكل شيء أساس وأساس الإسلام حبنا أهل البيت.
يا ابن جندب، إن لله تبارك وتعالى سورا من نور محفوفا بالزبرجد والحرير منجدا بالسندس والديباج يضرب هذا السور بين أوليائنا وبين أعدائنا فإذا غلى الدماغ وبلغت القلوب الحناجر ونضجت الأكباد من طول الموقف أدخل في هذا السور أولياء الله فكانوا في أمن الله وحرزه لهم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وأعداء الله قد ألجمهم العرق وقطعهم الفرق وهم ينظرون إلى ما أعد الله لهم فيقولون: (مَا لَنَا لاَ نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرَارِ) فينظر إليهم أولياء الله فيضحكون منهم فذلك قوله عز و جل: (أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصارُ) وقوله: (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الأَرائِكِ يَنْظُرُونَ ) فلا يبقى أحد ممن أعان مؤمنا من أوليائنا بكلمة إلا أدخله الله الجنة بغير حساب
أسألكم الدعاء
كفعمي العاملي