الاثنين، 21 أبريل 2014

ما معنى التوحيد ؟





 التوحيد
بسم الله الرحمن الرحيم 
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد 

الأصل الأول من أصول العقيدة الإسلامية وهو التوحيد وعدم فهم حقيقة التوحيد نتج عنه ما نراه من تخبط حاصل في الأمة الإسلامية وإستسهال التكفير بحجة الشرك وغيره
ونقصد بالتوحيد عدة معاني
1-    التوحيد في الذات : وهو الإعتقاد بأن هناك إله واحد لا غير فلو كان هناك إله آخر لفسد نظام الكون ولكانت أتتنا رسله تخبرنا عن وجوده
{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ }
{....  وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً }
2-    التوحيد في الأفعال : وهو الإعتقاد بأن الله هو المؤثر والفاعل الوحيد في الكون
{قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ }
فليس هناك سواه  ولا أحد يتصرف إلا بمشيئته  فهو من يمنح الإنسان القدرة على الأفعال فقد شاء منح الإنسان حرية الإختيار في بعض افعاله فكمال الإنسان بإرادته  فالطاعة والمعصية تدور مدار إرادة الإنسان التي شائها الله له  وليس بمعنى الإستقلال إنما هي مشيئة في طول مشيئة الله تعالى فلا جبر ولا تفويض إنما أمر بين امرين  لأن الإنسان يبقى بحاجة في حال تحقق الفعل أو الترك إلى الإمداد الإلهي فالإنسان مثلاً  بإرادته يتصدق بيده أو يسرق بها ولكن في كل الحالتين يحتاج ليده التي تتحرك بقدرة الله القادر على سلبه إيها في كل لحظة وهذا هو المقصود بقوله تعالى
{وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }
والمعنى دقيق فتأملوا
ومن هنا دخل العدل كأصل من الأصول لأنه أثيرت شبهات كثيرة من قبل بعض المذاهب الإسلامية كالجبر والتفويض والقضاء والقدر وتصدى الأئمة عليهم السلام لهذه الشبهات وفي قول جامع قال الصادق (ع) : " العدل  أن لا تنسب إلى خالقك ما لامك عليه " أي لا تعصي الله وتقول هذا بقضاء الله وقدره وأنا مجبر عليه والعياذ بالله
والقول بالجبر هو قول أموي صرف لا حظوا حوار إبن زياد مع الحوراء زينب عندما قال لها " كيف رأيتي فعل الله بأخيك "  فهو ينسب قتل الحسين (ع) إلى  الله والعياذ بالله
3-    التوحيد في الصفات والإعتقاد بأن صفاته عين ذاته أي أن القدرة والعلم ذات الله فليس الله شيئاً وعلمه شيء آخر كما ذهب البعض ممن يدعون التوحيد ويكفرون الآخرين بحيث جعل صفات الله قديمة ككقدم الله فيكون بهذا قال بثمانية آلهة  وليس بثلاث كما يقول النصارى
وفي هذا يقول أمير المؤمنين وسيد الموحدين (ع) :" وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة فمن وصف الله فقد قرنه ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جزأه ومن جزأه فقد جهله ......"
4-    التوحيد في العبادة  وهو الإعتقاد أن الله فقط يستحق العبادة والخضوع وإجتناب عبادة مخلوقاته
{ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ }
وهنا تحديداً ونتيجة جهل البعض للمعنى الحقيقي للتوحيد في العبادة إعتبروا بعض الأعمال التي تمارسها طائفة من المسسلمين شركاً ظناً منهم أن في هذه الأعمال عبادة لغير الله والعياذ بالله فذهبوا إلى تكفيرهم
5-    التوحيد في الولاية  وهو الإعتقاد بأن الله هو المشرع الوحيد وإلتزام قوانينه وحده التي وضعها للبشرية وعدم التجرؤ على الله في سن القوانين فحتى الأنبياء لا يجوز لهم التشريع من عندهم بل هم مبلغين لأحكام الله تعالى ومنذريين والطاعة لله وحده ولمن يأمرنا بطاعته وأخذ أحكام الشريعة منه فتدبروا هذا جيداً
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }
{.....وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }
فلا يحق لأي كان أن يأتي بعد الرسول ويخالفه ولو بحرف كأن يفعل فعلاً خلاف فعل النبي (ص) والبعض إلتبس عليه معنى أولي الأمر فلا يصح كما ظنوا أن أولي الأمر هم الحكام مثلاً لأن الله محال أن يأمرنا بإتباع من ليس معصوماً فغير المعصوم قد يأمرنا بإرتكاب ما يخالف الأوامر الإلهية جهلاً أو سهواً أو عمداً والله لا يأمر بالمعاصي تعالى الله
والحمد لله رب العالمين
كفعمي العاملي 
أسألكم الدعاء 

الجمعة، 18 أبريل 2014

لماذا نصلي على محمد وآل محمد ؟





لماذا نصلي على محمد وآل محمد ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
هذا السوأل قد يتبادر إلى ذهن البعض وللإجابة عليه وبعيداً عن الإطالة سأقتبس مقطع من أحد أدعية يوم الجمعة  المروي عن الإمام الصادق (ع) ففيه إجابة كافية وشافية يقول صادق آل محمد (ع) :
" وأنزلت في محكم كتابك {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } لا لحاجة إلى صلاة أحد من المخلوقين بعد صلاتك ولا إلى تزكيتهم بل الخلق جميعاً هم المحتاجون إلى ذلك لأنك جعلته بابك الذي لا تقبل لمن أتاك إلا منه وجعلت الصلاة عليه قربة منك ووسيلة إليك وزلفة عندك ودللت المؤمنين عليه وأمرتهم بالصلاة عليه ليزدادوا بها أثرة لديك وكرامة عليك "
إنتهى الإقتباس فتأملوا ودققوا بهذه المعاني العظيمة   

الخميس، 17 أبريل 2014

ما معنى العقيدة وأصولها ؟





ما معنى العقيدة وأصولها ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد

ما هو معنى العقيدة ؟  

- المعنى اللغوي : العقيدة في اللغة هي ما عقد عليه القلب والذهن وجمعها عقائد ويرادفها في المعنى الإعتقاد والمعتقد وكلمة العقيدة مشتقة من الفعل الماضي اعتقد بمعنى صدق حيث يقال (اعتقد بالأمر) أي (صدق به ) او (آمن به ) ويؤيد هذا المعنى ما ورد في الحديث الشريف " الإيمان عقد بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان "
-
المعنى الإصطلاحي : العقيدة هي عبارة عن مجموعة أفكار ومعارف وقضايا تثبت في الذهن ثبوتاً حقيقياً جازماً
وبالتأكيد العقيدة تقوى وتشتد وتضعف وتزول في نفس المعتقد تبعاً لقوة إستدلاله على هذه الأفكار
وبالعادة الذي يقوي العقيدة هو قدرة مجموعة هذه الأفكار والمفاهيم على الإجابة عن كل الإستفسارات ورد الشبهات والإنحرافات يعني ثبات العقيدة يكمن في قوتها وثباتها هي نفسها

ما هي أصول العقيدة الإسلامية ؟

ورد في الحديث عن أمير المؤمنين (ع) :" رحم الله من عرف من أين ؟ وفي أين ؟ وإلى أين ؟ "
وإذا دققنا نجد أن هذه الأسئلة الثلاث تستوعب كافة العلوم فكلها تدخل ضمن هذه الدائرة وتتمحور حولها وتفسيرها أي ينبغي على الإنسان أن يبحث عن أصل وجوده (من أين) ؟
ويبحث ماذا يفعل في هذه الدنيا وماذا يراد له (في أين) ؟
وأخيراً أين سيذهب بعد الموت الذي لا شك فيه ولا ريب (إلى أين) ؟
وبإختصار الجواب على هذه الأسئلة الثلاث هي الأصول الأساسية للعقيدة الإسلامية وهي على الشكل التالي :
- التوحيد ويتفرع منه العدل وهو الجواب على السوأل من أين ؟
- النبوة ويتفرع منها الإمامة وهو الجواب على السوأل في أين ؟
- المعاد : وهو الجواب على السوأل إلى أين؟
 
* ملاحظة : أجمع العلماء أنه لا يكفي في الأمور العقائدية التقليد أو الركون لما عليه الآباء والأجداد بل يجب البحث والتدقيق وعدم التقصير والإستهانة فهذه المسائل هي بمثابة الأعمدة والركائز للمسلم 

كفعمي العاملي 
أسألكم الدعاء 


الأربعاء، 16 أبريل 2014

البحث عن السعادة




البحث عن السعادة

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد

لا يوجد إنسان في هذا الكون إلا ويسعى للوصول إلى هدف يجد فيه مبتغاه ويعتبر أنه يحقق طموحه ومآربه وتطمئن إليه نفسه وهذا الهدف بالنهاية ما هو إلا البحث عن السعادة وإن إختلفت الطموحات والغايات فتبقى السعادة المرجوة هي أصل كل هذه الطموحات والغايات
ولا احد يمكنه أن ينكر أن هذا هو نزعة فطرية أودعها الله في الإنسان إلا أن الإختلاف يكمن في الطرق التي يجب سلوكها للوصول إلى السعادة المرجوة
 وفي عالمنا المعاصر هذا وبالرغم من التطور في مختلف الحقول إلا أن العلماء لم يتمكنوا من تحديد مفهوم السعادة ومعناها والسبل الموصلة إليها فأحد العلماء نقل مئات الأراء المختلفة في السعادة وتحقيقها
ولا نغالي إذا قلنا أن البشرية على مر التاريخ إجتهدت في تحصيل السعادة ولكنها إتخذت سبل شتى فبعضهم سلك طريق الثروة ظاناً أنها السبيل الأوحد وبعضهم إنغمس في الملذات على شتى أنواعها
 ولكن ثمة مجموعات أدركت ان السعادة لا تكمن في الماديات فقط بل في المعنويات أيضاً غير أن فكرها بقي قاصراً ولم تهتدي إلى السبيل فتأرجحت بين الإفراط والتفريط رغم إدراكهم أن الماديات لا تحقق السعادة فلا الإستزادة من الثروة ولا الإستزادة من الملذات الجنسية وغيرها ولا الشهرة والمناصب قادرة على تأمين السعادة الحقيقة فللماديات بريق يخال الإنسان أنها تحقق سعادته وما إن يصلها حتى تتبدد أحلامه ويجد أن ما وصل إليه ما هو إلا سراب والله تعالى يصف في كتابه هذا بتعبير دقيق ورائع فيقول جلّ وعلا

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ }
من هنا ندرك أن الطائفة الأخيرة التي فهمت عقم الماديات في الوصول إلى السعادة كان ينقصها شيء واحد أساسي وهو هداية الأنبياء التي بها يتمكن الإنسان من السير في الطريق الصحيح دون أن يقع بالإفراط أو التفريط
وبنظرة سريعة نرى أن التربية الإسلامية إتجهت إلى تحرير الإنسان من الإنشداد إلى الماديات وإتخاذها هدفاً بحد ذاته لأن من يبتغي الدنيا ومتاعها يتنامى في نفسه حرص الإستزادة فلا يشبع ولا يستقر ويعيش القلق والإضطراب الدائم كما روي عن النبي (ص)

 " الرغبة في الدنيا تكثر الهم والحزن والزهد في الدنيا يريح القلب والبدن "

وفي نفس الوقت حرص الإسلام على الحض على العمل والكد وتحصيل الرزق لتحصيل الكفاية في أمر المعاش بدون أن يكون طلب المال هدفاً بذاته وايضاً وضع ضوابط لسائر الغرائز وطرق إشباعها
والنتيجة أن من تصغر الدنيا في عينه لا يعود يأسى على أي شيء يفقده او يتعذر الحصول عليه فلا يعيش المرارة ولا الإضطراب بل يكون مصداق النفس المطمئنة التي ذكرها الله في قوله تعالى

يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ{27} ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً{28} فَادْخُلِي فِي عِبَادِي{29} وَادْخُلِي جَنَّتِي{30}

والحمد لله رب العالمين
كفعمي العاملي 
أسألكم الدعاء