الثلاثاء، 15 أبريل 2014

لماذا نكره الموت ؟





لماذا نكره الموت ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد

{قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }

إن كراهتنا للموت منشأها بالدرجة الأولى أن الإنسان حسب فطرته التي فطره الله تعالى عليها يحب البقاء والخلود ويتنفر من الفناء والزوال وهذه من أكبر الأدلة على وجود حياة آخرة فالإحساس بالجوع دليل على وجود الطعام والإحساس بالعطش دليل على وجود الماء وهكذا بقية ما اودع في جبّلة الإنسان وفطرته
وحيث أن في فطرة الإنسان هذا الحب وذاك التنفر فإنه يحب ويعشق ما يرى فيه البقاء وحيث أن البعض لا يؤمن بعالم الآخرة والبعض يستدل عليه عقلاً بالدليل ولكن قلبه غير مطمئن نحو الحياة الآخرة فينشأ عن هذا كراهية الموت والخوف منه إن الإطمئنان العقلي يختلف عن الإيمان والإطمئنان القلبي نحن ندرك عقلاً ونصدق أحاديث الانبياء  تعبداً بأن الموت حق ولكن قلوبنا لا تحظى بشيء من هذه المعرفة ولا علم لها عن ذلك بل أن قلوبنا أخلدت إلى أرض الطبيعة فما مدى إيماننا وإعتقادنا القلبي بالآيات التي تتحدث عن المعاد والجنة ووو أو درجة تصديقنا مثلاً لقول أمير المؤمنين (ع) : " إنك مخلوق للآخرة فإعمل لها إنك لم تخلق للدنيا فإزهد فيها "
وفي حديث آخر يشخص لنا الإمام (ع) أبرز أسباب كراهية الموت فقال: " لأنكم خرّبتم آخرتكم وعمرتم دنياكم فكرهتم أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب"
إن وجهة نظر الإنسان نحو الموت وما بعده مهمة جداً في حياته فكلما كانت نظرته واقعية وموضوعية وصحيحة كلما انعكست هذه النظرة على سير حياته سلباً أو إيجاباً فتركيبة الإنسان النفسية ومن ثم سلوكه وأخلاقه تتأثر جداً من خلال نظرته إلى الموت وما بعده فهي ليست فكرة عابرة تمر بالخيال وترحل بل هي تكمن في شعوره وعقله الباطني وكيانه النفسي وتطبعه بطابع معين فعلى هذا ليس التفكير في الموت وما بعده موتاً بل هو الحياة وله دخالة رئيسية في حياة الإنسان وبنائه الروحي والنفسي والعقلي ولا نبالغ إذا قلنا أن التفكير بما بعد الموت هاجس إنساني وسوأل يتبادر إلى أذهان الناس جميعاً بدون تفرقة
قال أمير المؤمنين (ع) :" ذكر الآخرة دواء وشفاء "
يقول أحد علماء النفس أن الخوف من الموت يقود الإنسان إلى طرح الإسئلة لمَ ؟ وإلى أين ؟ ويقول أنه لما كان الناس لم يهتدوا إلى علاج للموت والجهل بما بعده فقد وجدوا أن خير الطرق هي عدم التفكير بهذا او التغافل عنه باشكال متنوعة من اللهو والتسلية وفي الحقيقة أن تناسي الناس لمصيرهم النهائي هو شبيه بفعل النعامة التي تطمر رأسها في التراب وتحسب أن الذئب الآتي لن يراها ولن يأكلها
يقول أحد الفلاسفة :"أن إكتشاف الموت هو الذي ينقل بالشعوب والأفراد إلى مرحلة النضج العقلي أو البلوغ الروحي "
قال أمير المؤمنين (ع) :" من أصبح والآخرة همه إستغنى بغير مال وإستأنس بغير أهل وعزّ بغير عشيرة "
مما تقدم نقول أنه يجب ان يكون همنا الأساس هو النجاة في اليوم الآخر وهذا لا يمنع أن نوازن بين الدنيا والآخرة فاليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل فيجب أن نعمل ونجتهد ليوم لا ينفع فيه إلا العمل وليس كل عمل بل ما كان خالصاً لوجه الله تعالى
وقال (ع):" من أكثر ذكر الآخرة قلت معصيته "
( اللهم إرزقنا خير الدنيا والآخرة وإدفع عنا شرّ الدنيا والآخرة )
أسألكم الدعاء
كفعمي العاملي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق