السبت، 12 أبريل 2014

فتنة المال





فتنة المال

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
 فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ{15} وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ{16} كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ{17} وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ{18} وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً{19} وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً{20}
سياق هذه الآيات الكريمة يتحدث عن ذهنية سائدة عند الكثير من الناس فعندما يبتلي الله تعالى الإنسان بالنعمة والإكرام قد يشعر بالحظوة والطمأنينة فيقول ربي أكرمن وفي المقابل عندما يبتليه فيقدر عليه الرزق يشعر بالإهانة فيقول ربي أهنن
وحقيقة الأمر أن الإنسان يغفل أن الحكمة  في كلا الحالتين هي الإبتلاء والإمتحان والإختبار وليس الأمر إكرام أو إهانة فالمال يجب أن يكون حافزاً لتنمية القيم والميول المعنوية وأن يتجاوز الإنسان ذاته  إلى أخيه وهذا ما تبينه الآيات التي تلي
 كلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ{17} وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ{18} وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً{19} وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً{20}
ففي هذه الآيات تبيان لعلة الإكرام وتحديد إلهي لما يجب على صاحب النعمة كي ينجح في هذا الإبتلاء
وأيضاً تبين هذه الآيات جانباً خطيراً في تركيبة الإنسان وتحذّره من السقوط فيه فتكشف واقع تأثير المال وإكتنازه على مشاعر الإنسان وكيف يمنع صاحبه من إدراك حقيقة ومغزى الإبتلاء فينحرف في تفكيره وتظهر عليه عوارض الإستكبار والإستقواء فالمفروض أن المال في أصل وجوده هو منّة وإختبار إلهيان غير أن الإنسان بعدما بسط الله الرزق ومهّد له أسباب القوة تعاطى مع هذا الإمتحان بطمع في زيادة مادة الإختبار ومضاعفة ما عنده بدل ان يتعاطى بتعقل وحذر فتحول المال من وسيلة للإرتقاء الإنساني إلى غاية بحدّ ذاته ولهذا إختلفت معايير الناس ونماذجهم فبعضهم يستخدم الثروة للبغي والإثم  والبعض الآخر يسخرها في مرضاة الله وطلب الآخرة
في بحار الأنوار  ج 79 ص 304 رواية عن الإمام الصادق عليه السلام أتمنى أن تتأملوا في مغزاها جيداً 
عن أبان بن تغلب قال : قال ابو عبد الله عليه السلام : أترى الله أعطى من أعطى من كرامته عليه ومنع من منع من هوانه به عليه ؟ لا ! ولكن المال مال الله يضعه عند الرجل ودايع وجوّز لهم أن ياكلوا قصداً [ بدون تبذير وإسراف ] ويلبسوا قصداً وينكحوا قصداً ويركبوا قصداً ويعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين ويلموا به شعثهم فمن فعل ذلك كان ما يأكل حلالا ويشرب حلالا ويركب وينكح حلالا وما عدا ذلك كان عليه حراماً
ثم قال : لا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين  أترى الله إئتمن رجلا على مال له أن يشتري فرساً بعشرة آلاف درهم ويجزيه فرس بعشرين درهماً ؟ ويشتري جارية بألف دينار ويجزيه بعشرين ديناراً  ..... 

اللهم أغننا بحلالك عم حرامك وبطاعتك عن معصيتك وبفضلك عمن سواك    

أسالكم الدعاء 
كفعمي العاملي 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق