الإمام محمد بن علي الجواد
عليه السلام
إنه الإمام التاسع من ائمة اهل البيت
عليهم السلام محمد الجواد وهو الأصغر بين الأئمة الاثني عشر سناً، هو الجواد
التقي القانع الزكي باب المراد ولد في العاشر من رجب المرجب عام 195هـ، أمه سبيكة
القبطية، استشهد عن عمر ناهز الخامسة والعشرين، له من الأولاد الإمام علي الهادي
عليه السلام وموسى، قاد الأمة سبعة عشر عاماً، ليقتل بالسم على يد زوجته أم الفضل
بنت المأمون العباسي وبدفع من أخيها جعفر ويدفن بجوار جده في مقابر الهاشميين في
بغداد والتي تسمى اليوم بالكاظمية نسبة إلى مرقد الإمامين موسى بن جعفر الكاظم
وحفيده محمد الجواد عليهما السلام لذا أطلقت على المرقد اسم (الجوادين) أو
(الكاظمين).
الولادة المباركة:
روى العلامة المجلسي في جلاء العيون انّه قال: روى ابن شهر
آشوب بسند معتبر عن حكيمة بنت الامام موسى الكاظم عليه السلام انها قالت: «لما حضرت
ولادة الخيزران ام أبي جعفر عليه السلام دعاني الرضا عليه السلام فقال لي:
يا حكيمة احضري ولادتها وادخلي وايّاها والقابلة بيتاً.
ووضع
لنا مصباحاً واغلق الباب علينا، فلما أخذهما الطلق طفى المصباح وبين يديها طست،
فاعتممت بطفى المصباح، فبينا نحن كذلك إذ بدر أبو جعفر عليه السلام في الطست وإذا
عليه شيء رقيق كهيئة الثوب يسطع نوره حتى أضاء البيت، فأبصرناه فأخذته فوضعته في
حجري ونزعت عنه ذلك الغشاء.
فجاء
الرضا عليه السلام ففتح الباب وقد فرغنا من أمره فأخذه فوضعه في المهد وقال لي: يا
حكيمة الزمي مهده، قالت: فلما كان في اليوم الثالث رفع بصره إلى السماء ثم نظر
يمينه ويساره، ثم قال: «أشهد أن لا إله الّا الله وأشهد انّ محمداّ رسول الله».
فقمت
ذعرة فأتيت أبا الحسن عليه السلام فقلت له: لقد سمعت من هذا الصبي عجباً، فقال:
وما ذاك؟ فأخبرته الخبر، فقال: ياحكيمة ما ترون من عجائبه اكثر.
وروي
في عيون المعجزات بسند معتبر عن كلثم بن عمران انّه قال: قلت للرضا عليه السلام:
أدع الله ان يرزقك ولداً، فقال: انّما أرزق ولداً واحداً يرثني، فلمّا ولد أبو
جعفر عليه السلام قال الرضا عليه السلام لأصحابه: «قد ولد لي شبيه موسى بن عمران،
فالق البحار، فبيكي له وعليه أهل السماء، ويغضب الله تعالى على عدوّه وظالمه فلا
يلبث الّا يسيراً حتى يعجّل الله به إلى عذابه الأليم وعقابه الشديد، وكان طوله
ليلته يناغبه في مهده.
* المولود العظيم
وجاء
إسماعيل بن إبراهيم للإمام الرضا عليه السلام وقال له: إنّ ابني في لسانه ثقل فأنا
أبعث به إليك غداً تمسح على رأسه وتدعو له فإنه مولاك، فقال الرضا عليه السلام:
(هو مولى أبي جعفر فابعث به غداً له).
وهكذا
كان الإمام الرضا يوضح للناس مقام ابنه المبارك ويؤكد لهم أنّه لا يقل شأناً عنه
عليه السلام.
*امتحان الأمة
فالمسلمون
لأول مرة يمرون بهذا الوضع، فإن أغلبهم لم يتصور أن يكون حجّة الله صبياً، فاجتمع
كبار الشيعة منهم الريان بن الصلب ويونس بن عبد الرحمن وصفوان بن يحيى وآخرون
وخاضوا في الكلام حول المأزق الذي يمرون به حتى بكى بعضهم لشدة الحيرة.
فقال
يونس: دعوا البكاء حتى يكبر هذا الصبي.
فقال
الريان بن الصلت: إن كان أمر من الله جلّ وعلا فابن يومين مثل ابن مائة سنة وإن لم
يكن من عند الله فلو عمّر الواحد من الناس خمسة آلاف سنة ما كان يأتي بمثل ما يأتي
به السادة أو بعضه، وهذا مما ينبغي أن ينظر فيه.
*علمه
فقد
روي أنّ الإمام الجواد عليه السلام صعد المنبر في مسجد النبي صلى الله عليه وآله
وسلم بعد رحيل والده فقال: (أنا محمد بن عليّ الرضا، أنا الجواد، أنا العالم
بأنساب الناس في الأصلاب، أنا أعلم بسرائركم وظواهركم وما أنتم صائرون إليه، علمٌ
منحنا به من قبل خلق الخلق أجمعين وبعد فناء السماوات والأرضين، ولولا تظاهر أهل
الباطل ودولة أهل الضلال ووثوب أهل الشك لقلت قولا تعجب منه الأولون والآخرون).
*عبادته
وقد
رآه الحسين المكاري في بغداد وكان الإمام محاطاً بالتعظيم والتكريم من قبل الأوساط
الرسمية والشعبية، فحدّث نفسه أنه لا يرجع إلى وطنه بل يقيم عند الإمام في هذه
النعم، فعرف الإمام قصده فانعطف عليه وقال: (يا حسين خبز الشعير وملح الجريش في
حرم جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحبّ إليّ مما تراني فيه).
* كرمه
لقد اشتهر عند الخاصة والعامة جود الإمام الجواد، بل لكثرة
عطائه وسخائه قالوا أنه لقب بالجواد عليه السلام في حياته، ولقّب بـ (باب المراد)
بعد وفاته لشدة قضاء الحوائج عند التماس قبره الشريف.
وكان
الإمام الجواد عليه السلام لا يخرج من البيت إلا ويحمل معه المال فلا يسأله أحد
إلا أعطاه بغض النظر عن الموالي وغيره والعدو والصديق، فعطاء الأئمة لا يعرف
الحدود، ولا تقف الحواجز القومية والمذهبية أمامه أبداً، فهم سادة الكرم وأصوله
ومعدنه وفرعه ومنتهاه.
* قبسات من كلماته
(أن
لله عباداً يخصهم بدوام النعم فلا تزال فيهم ما بذلوها، فإن منعوها نزعها الله
عنهم وحولها إلى غيرهم).
(الجمال
في اللسان والكمال في العقل).
(العلماء
غرباء لكثرة الجهال بينهم).
(لو
سكت الجاهل ما إختلف الناس).
(لا
تفسد الظن على صديق قد أصلحك اليقين له).
(من
استفاد أخاً في الله فقد استفاد بيتاً في الجنة).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق