الحرب الإعلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
{يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ
نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ
كَرِهَ الْكَافِرُونَ }
في عصرنا هذا لم تعد
تُخاض الحروب في الساحات والميادين وعلى الأرض لا بل أن الحروب فعلياً قد تبدأ قبل
سنوات عديدة من إطلاق الرصاصة الأولى ولم يعد الأمر مقتصراً على إستخدام الأسلحة
الحربية المتطورة بكافة أنواعها وأشكالها وكي لا نستخدم مفردة إستحداث نقول تم تطوير سلاح كان يُستخدم عبر التاريخ
بشكل بدائي نسبياً والآن يُستخدم على نطاق واسع وبفعالية عالية هذا السلاح هو سلاح
الإعلام أو ما يُطلق عليه (سلاح الميديا ) فبتنا نشاهد الحروب على الشاشات لحظة
نشوبها وبالأصح حتى قبل ذلك وأثنائها وبعدها وتًفرض علينا وقائعها ونؤخذ إلى
نتائجها بكم هائل من التشويه والتضليل بحيث لا نغالي إذا قلنا أن ما نشاهده هو
عملياً وفي الواقع حرب آخرى غير التي تحصل على الأرض وأحداث مجتزأة يتم من خلالها
التلاعب بعقولنا والأدهى محاولة تفريغ ذاكرتنا وزرع افكار جديدة فيها أو ما يُصطلح
عليه (كيّ الذاكرة وصناعة القناعات )
وعلى سبيل المثال لا
الحصر ولتبيان أهمية هذا السلاح تم الإتفاق في شرم الشيخ وبعد حرب 2006 على قيام
جبهة إعلامية موحدة لما سُمي بدول الإعتدال العربي ووضع إمكانيات مالية في تصرفها
تصل إلى مليار دولار والعمل على تنظيف المحطات الفضائية العربية والصحف من كل
الكوادر ذات الميول القومية والدينية المعينة والتي تنتمي لما يُعرف بخط الممانعة
وبالمقابل تجنيد مجموعة من الأعلاميين المرتزقة في خدمة هذا التوجه وقد صرح السفير
الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان أنه تم توزيع مبالغ مالية تجاوزت ال500
مليون دولار قبل وبعد إغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري لإنتاج كليبات
خاصة ووضع ملصقات عملاقة على الطرقات ولوسائل إعلامية مختلفة على مستوى المؤسسات
والأفراد (تأملوا)
فالإعلام لم يعد جزءاً
من المعركة فقط بل هو أحد مقومات نجاحها وصناعتها وفرض نتائجها حتى أصبحنا ومن
خلال هذا السلاح الفتاك بالمجتمعات نرى كيف يتحول الظالم إلى مظلوم والمجرم إلى
ضحية والمنتصر إلى مهزوم
وايضاً على سبيل المثال
لا الحصر تأملوا كيف يتم التلاعب في إستخدام المصطلحات فاليوم نسمع عبر المحطات
الفضائية وحتى العربية منها عبارات من قبيل (ناشط فلسطيني بدل مقاوم ) (جنود
إسرائيلين بدل جنود الإحتلال الإسرائيلي ) (مستوطنة بدل مستعمرة) وايضاً (حزب الله
الشيعي ) تأملوا عبارة الشيعي فهي تخدم في إثارة النعرات الطائفية حالياً وايضا من
الضروري إبعاد السنة عن التعاطف مع هذا الحزب فهل سمعتم يوماً مصطلح ( حركة طالبان
السنية ) ؟ ابداً لأنها حالياً قد لا تخدم التوجه السياسي فليس المطلوب حشد السنة
خلف هذه الحركة التي تقاتل الإحتلال الأميركي في أفغانستان والأمثلة على هذا كثير
وهلمّ لنستعرض معا بعض الأمثلة
-
كلنا يذكر كيف أعلن قادة الولايات المتحدة عبر المحطات الفضائية الإنتصار
في حربهم على أفغانستان ولكن الواقع الحالي ماذا يقول هل إنتهت الحرب في أفغانستان ؟ وهل تم تدمير حركة طالبان
واقعاً ؟ وهل يسيطر التحالف فعلياً على افغانستان ؟
-
كلنا يذكر كيف وقف كولن باول في الإمم المتحدة ليعلن عن حيازة النظام
العراقي لكميات هائلة من الأسلحة المدمرة والكيميائية وخيضت الحرب على أساسها
ليتبين لاحقاً وبإعتراف أميركي ان هذه
التقارير كانت مضخمة وملفقة
-
كلنا يذكر كيف اُحضر الإعلاميين إلى ساحة الفردوس في العراق لتصوير مشهد
تدمير تمثال صدام حسين ومن خلاله الإيحاء أن العراق بات بأيدي التحالف الغربي والحرب إنتهت واقعاً ماذا هل
فعلاً بعدها توقفت الحرب في العراق ؟
-
كلنا يذكر كيف رفع جيش الإحتلال الصهيوني العلم الإسرائيلي فوق أحد الأسطح
في أطراف مدينة بنت جبيل خلال حرب ال 2006 ليوحي أن المدينة سقطت بقبضته ماذا تبين
بعد ذلك وبإعتراف جنرالاته ؟ أن المدينة لم تسقط أليس كذلك ؟
-
كلنا يذكر قبل حرب الخليج الاولى والثانية وحرب تموز 2006 كيف تم التركيز
على دور حاملات الطائرات والصواريخ الذكية وغيرها من الأسلحة لبث الرعب في القلوب
قبل وقوع الحرب والأهم مثلاً كيف تم تصوير شتات الجنود العراقيين المنهزمين خلال
الحرب وذلك الجندي العراقي الذي يقبل يد الجندي الأميركي
-
كلنا يذكر في حرب غزة الأولى والثانية محاولة التركيز على صواريخ المقاومة
وكيف تتساقط على رؤوس الصهاينة وإغفال الجرائم الصهيونية والإسلحة المحرّمة
دولياً التي كانت تتساقط على رؤوس
الفلسطينين وتصوروا كيف أن محاصرة شعب بأكمله وحرمانه من ابسط مقومات العيش صار
أمراً مقبولاً دولياً وكيف أن اسر 11 الف فلسطيني بينهم نساء حوامل وأطفال أمر
عادي لا أحد يتكلم به ولكن بالمقابل تقوم
الدنيا ولا تقعد لأسر جندي إسرائيلي في ساحة
القتال
وبعيداً عن
إعمال الذاكرة أنظروا اليوم مدى وقاحة وخبث الوسائل الإعلامية وكيف يتم التلاعب
بالأحداث والوقائع التي تحصل في عالمنا اليوم وكيف يتم التعامل مع الثورات بشكل
إنتقائي فتصبح في مكان مثل مصر وتونس ثورة تملك كامل الشرعية وفي مكان آخر مثل
البحرين فتنة طائفية دهماء يُشّرع فيها للنظام الحاكم بإرتكاب كافة الموبقات ولكن
في ليبيا المطلوب التدخل تحت ستار مجلس الأمن بعد ضخ إعلامي هائل عن أعمال القتل
التي لا ننكر وقوع شيء منها أما اليمن حيث ليس بالإمكان إتهام المجوس ولا حاجة
للتدخل الدولي فيجب إيجاد مخرج بأي طريقة حتى لو عبر إعطاء حصانة للقاتل والمجرم
الذي تلوثت اياديه بمئات القتلى والجرحى من أبناء شعبه والقتل هو القتل أينما وقع
ولكن وفق الموازين الدولية الحالية القتل في ليبيا شيء وفي اليمن والبحرين شيء آخر
وتصبح الأحداث في دولة مثل الكيان الإسرائيلي
الغاصب يًقتل فيه الأبرياء مكافحة للإرهاب وفي دولة أخرى مثل سوريا تقوم عصابات
مسلحة ثبُت بالدليل القاطع أنها مدعومة من الخارج وأنها تتستر وراء مطالب محقة
إعترف النظام بها وبأحقيتها تقوم هذه العصابات بالتخريب المنظم هنا يصبح الأمر
إرهاب دولة ويتم إستنفار شعارات حقوق الإنسان لهفي على هذه الحقوق أين هي في باقي
الدول !!!
وأكتفي بهذا
القدر
كفعمي
العاملي
والسلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق