الجمعة، 9 مارس 2012

اللسان


اللسان
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
عن الصحابي معاذ بن جبل قال كنت مع النبي (ص) في سفر فأصبحت يوماً قريباً منه ونحن نسير فقلت : يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار
فأخبره (ص) إلى أن قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟
قلت بلى يا رسول الله
قال (ص) : كُفّ عليك هذا وأشار بلسانه
من يلقي نظرة ولو سريعة على ما جاء من أحاديث وروايات تتعلق باللسان وآفاته سيجد أن أهل البيت (ع) قد إستفاضوا في التنبيه والتحذير وأعلى درجات هذا التنبيه نجدها أيضاً في قوله تعالى
{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }
اي ما يلفظ من قول فيتكلم به إلا لديه مَلَك يرقب قوله ويكتبه وهو مَلَك حاضر مُعَدٌّ ومخصص لذلك لا يغيب عنه كثير القول ولا صغيره حتى فلتة اللسان
هنا يتبادر لذهن المتأمل السوأل التالي : لماذا هذا التنبيه والتحذير والإهتمام الشديد ؟
الإجابات متعددة منها ما في قول أمير المؤمنين (ع) : " مغرس الكلام القلب ومستودعه الفكر ومقومه العقل ومبديه اللسان "
أي أن اللسان عملياً هو المبين والكاشف للإنسان من خلاله يتم التعبير عن معتقدات ونوايا وسرائر هذا الإنسان فإن كانت هذه المعتقدات والسرائر سليمة ونقية وصافية فاللسان يظهرها والعكس صحيح وحتى لو حرص البعض على إخفائها فاللسان هو مرآة تعكس الحقيقة الذاتية للمتكلم نفسه " تكلموا تُعرفوا فإن المرء مخبوء تحت لسانه "
ولأمير المؤمنين (ع) قول آخر يوضح ما قلته أعلاه " إن الكلام يعبر عن مستودعات الضمائر ويخبر عن مكنونات السرائر فرحم الله من قال خيراً فغنم أو سكت فسلم فأنت سالم ما سكت فإذا تكلمت فإما لك وإما عليك والعاقل لا يتكلم إلا لحاجته ولايفكر إلا في آخرته "
ايضاً من الإجابات أن اللسان مفتاح للخير والشرّ كان أبو ذر (رض) يقول : " يا مبتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شرّ فإختم على لسانك كما تختم على ذهبك "
ايضاً إستقامة اللسان هي دليل ومقياس لإيمان الإنسان
قال رسول الله (ص) :" لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه " وفي هذا إشارة إلى ما ذكرته أعلاه عن ان اللسان هو مرآة
ايضاً اللسان دليل إستقامة
عنه (ص) أنه قال : "إذا أصبح ابن آدم فإنّ الأعضاء كلها تكفّر اللسان فتقول : إتق الله فينا فإنما نحن بك فإن إستقمت إستقمنا وإن إعوججت إعوججنا "
ايضاً اللسان مصدر الخطايا قال رسول الله (ص) :" إن أكثر خطايا ابن آدم في لسانه "
أيضاً اللسان مصدر للهلاك قال رسول الله (ص) :" ربّ لسان أتى على إنسان وكم من إنسان أهلكه لسان "
أيضاً اللسان مصدر الفتن قال رسول الله (ص) " فتنة اللسان اشد من ضرب السيف وكم من دم سفكه فم "
أيضاً اللسان خطئه قاتل قال أمير المؤمنين (ع) " المرء يعثر برجله فيبرىء ويعثر بلسانه فيقطع رأسه "
والحديث عن اللسان وآفاته لا ينتهي ولكن الخلاصة ان حق اللسان إكرامه عن الغيبة والبهتان وفضح اسرار الناس وعيوبهم وفحش الكلام وتعويده الخير وحسن القول وترك الفضول التي لا فائدة لها
وزبدة القول أن سلامة الإنسان في حفظ لسانه وقلة الكلام دليل على تمام العقل
الصمت زين والسكوت سلامة *** فإذا نطقت فلا تكن مكثارا
فإذا ندمت على سكوتك مرة *** فلتندمنّ على الكلام مرارا
اللهم إغفر لي رمزات الألحاظ وسقطات الألفاظ وشهوات الجنان وهفوات اللسان
أسألكم الدعاء
كفعمي العاملي
09/02/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق