الاثنين، 4 يونيو 2012

سيرة مختصرة عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام





سيرة مختصرة عن الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام  
* بطاقة الهوية
- الأسم :  علي بن أبي طالب (عبد مناف) بن عبد المطلب (شيبة الحمد) بن هاشم ( عمرو ) بن عبد مناف ( المغيرة) بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب.
- اللقب: المرتضى وحيدره وأمير المؤمنين والأنزع البطين والوصي و يعسوب المؤمنين ( اليعسوب ذكر النحل وأميرها) وقائد الغر المحجلين والفاروق والصديق
- الكنية: يكنى أبا الحسن وأبا الحسين وكان الحسن في حياة رسول الله ( ص)  يدعوه أبا الحسين  والحسين يدعوه أبا الحسن ويدعوان رسول الله (ص) أباهما فلما توفي النبي (ص)دعوا علياً أباهما وكان يكنى بأبي تراب كناه بها رسول الله ــ ص ــ، وذلك لما رآه ساجداً معفراً وجهه في التراب، وكان يعفر خديه وهو ساجد. وكانت هذه الكنية أحب كناه إليه لكون النبي ــ ص ــ كناه بها.
- اسم الأب: أبو طالب بن عبد المطلب
- اسم الأم: فاطمة بنت أسد بن هاشم وهي أول هاشمية تزوجها هاشمي وهي أم سائر ولد أبي طالب
- الولادة: 13 رجب 23 قبل الهجرة في جوف الكعبة
- الشهادة: 21 رمضان 40 هجري
- مدة الإمامة: 30 سنة
- القاتل: عبد الرحمن بن ملجم المرادي  لعنه الله
- مكان الدفن: النجف الأشرف
* نبذة سريعة ومختصرة عن حياته الشريفة
-  مع رسول الله (ص):
نشأ علي(ع) في كنف والديه وبعد سنوات من ولادته المباركة تعرضت قريش لأزمة اقتصادية خانقة كانت وطأتها شديدة على أبي طالب إذ كان رجلاً ذا عيال كثيرة فاقترح النبي(ص) أن يأخذ علي (ع) ليخفّف العبء عن أبي طالب (ع) وكان عمره ست سنوات فنشأ في دار الوحي ولم يفارق النبي (ص) في حال حياته إلى وفاته وهو القائل: "ولقد كنت أتّبعه إتّباع الفصيل أثر أمه يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً ويأمرني بالاقتداء به" وقد عاش مع النبي (ص) بدايات الدعوة ".. ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري". كما سبق إلى الإيمان والهجرة "ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله(ص) وخديجة وأنا ثالثهما".

-       علي (ع) والدعوة:
عاش علي (ع) مع الدعوة في مرحلتها السرية إلى أن نزل قوله تعالى: "وأنذر عشيرتك الأقربين" فجمع النبي (ص) أقرباءه ودعاهم إلى كلمة التوحيد فلم يستجب له سوى علي (ع) وكان أصغرهم سناً فقال له النبي (ص): "أنت أميني ووصيي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي" وقد اشتهر هذا القول بحديث الدار هاجر علي (ع) الى المدينة المنورة ملتحقاً برسول الله (ص) بعدما نفّذ وصيته وردَّ أماناته الى أهلها فدخل معه المدينة وعمل الى جانبه في بناء المجتمع الإسلامي وتركيز دعائم الدولة الإسلامية وفي السنة الثانية للهجرة تزوج علي (ع) من سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بنت النبي الأكرم محمد (ص) وكان ثمرة هذا الزواج الحسن والحسين وزينب فشكلت هذه الأسرة النموذجية المثل الأعلى للحياة الاسلامية في إيمانها وجهادها وتواضعها وأخلاقها الكريمة
شارك علي (ع) الى جانب النبي (ص) في مجمل الحروب والغزوات التي خاضها باستثناء غزوة تبوك حيث تخلف عنها بأمر من النبي (ص) وفي تلك الغزوة قال له (ص): "ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي" وقد كان له في كل تلك المعارك السهم الأوفى والنصيب الأكبر من الجهاد والتضحية ففي معركة بدر التي قتل فيها سبعون مشركاً قتل علي (ع) ستة وثلاثين منهم وفي معركة أُحُد حينما فرَّ المسلمون وجرح النبي محمد (ص) صمد مع ثلّة قليلة من المؤمنين يزودون عن رسول اللّه (ص) حتى منعوا المشركين من الوصول إليه وأما في معركة الأحزاب فقد كان حسم المعركة لصالح المسلمين على يديه المباركتين حينما قتل عمرو بن ود العامري، بضربة قال عنها النبي (ص): "ضربة علي يوم الخندق تعادل عبادة الثقلين" وفي معركة خيبر، وبعد أن فشل جيش المسلمين مرتين في اقتحام الحصن اليهودي المنيع قال رسول الله (ص): "لأعطين الراية غداً رجلاً يحب اللّه ورسوله، ويحبه اللّه ورسوله، كراراً غير فرار لا يرجع حتى يفتح اللّه على يديه" فأعطى الراية لعلي (ع)، وفتح الحصن وكان نصراً عزيزاً بعد ما قتل (ع) مرحب صنديد اليهود وفي معركة حنين انهزم المسلمون من حول النبي (ص) وصمد علي (ع) وبعض بني هاشم يدافعون عن رسول الاسلام بكل شجاعة وعزيمة حتى أنزل الله نصره عليهم
-       علي بعد وفاة النبي (ص):
حينما فاضت روح النبي (ص) إلى بارئها انصرف علي (ع) لتجهيزه ودفنه بينما كان بعض وجوه المسلمين يتنازعون الأمر بينهم في سقيفة بني ساعدة حتى استقر رأيهم على تنصيب أبي بكر خليفة بعد رسول الله (ص) ولعدم شرعية الخلافة لم يبايع علي (ع) في البداية حتى رأى راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد (ص) فخشي (ع) إن لم يبايع أن يرى في الإسلام ثلماً أو هدماً فتكون المصيبة به أعظم ولذلك لم يعتزل الحياة السياسية العامة فنجد في علي (ع) المدبّر  والمعالج والقاضي لجميع المشاكل الطارئة طيلة عهود أبي بكر وعمر وعثمان مما لفت أنظار الأمة انذاك إلى موقعية علي (ع) في إرجاع معالم الدين وتصحيح الإنحراف وتقويم الإعوجاج الذي تسبّبت به السلطة وولاتها انذاك مما دفع الناس في جميع البلاد الإسلامية إلى الثورة على الحكم المتمثل في شخص عثمان بن عفّان وانطلقوا إلى بيت علي (ع) مبايعين وكانت المرّة الوحيدة التي يبايع فيها الناس شخصاً ثم يتولى أمور الخلافة بصورة شرعية خلافاً للمرات السابقة التي كان ينصّب فيها الخلفاء أولاً، ثم يُحمل الناس على مبايعتهم امتازت حكومة علي (ع) برجوعها الى الينابيع الأصيلة للاسلام كما أمر بها الله تعالى. ومما امتازت به حكومته (ع):
أولاً: المساواة في العطاء.
وثانياً: رد المظالم التي تسبّب بها الولاة السابقون.
وثالثاً: تشديد الرقابة على بيت مال المسلمين.
ورابعاً: عزل الولاة المنحرفين واستبدالهم بنماذج خيّرة وكفوءة.
وخامساً: مراقبة الولاة وتزويدهم بالمناهج والخطط من أجل إقامة حكومة العدل والإسلام على الأرض.
وهذا الأمر أزعج المترفين من أغنياء المسلمين انذاك. الذين أحسّوا بالخطر يهدّد مصالحهم فأعلنوا العصيان والتمرّد وإستمرّت حكومة علي (ع) خمس سنوات عمل خلالها مجاهداً من أجل التصحيح والتقويم والعودة إلى الأصالة وإقامة حكم الله على الأرض وخاض خلالها حرب الجمل في البصرة مع الناكثين الذين أزعجهم مبدأ المساواة في العطاء بين المسلمين بالإضافة إلى رفض علي (ع) الانجرار وراء مطامعهم وإعطائهم ولاية الكوفة والبصرة، فنكثوا بيعته (ع) وطالبوه بدم عثمان وجمعوا له (30) ألف على رأسهم عائشة وطلحة والزبير. ولم تنفع الكتب التي أرسلها (ع) لإخماد الفتنة فاضطر إلى محاربتهم والقضاء على الفتنة من أساسها ثم كانت حرب صفين مع معاوية الذي كان من أشد الولاة فساداً ودهاءاً وكاد الإمام ينتصر عليه انتصاراً ساحقاً لولا الخديعة التي اصطنعها معاوية بدعوى الاحتكام إلى كتاب الله هذه الحيلة انطلت على قسم من جيش علي (ع) وهم المعروفون بالخوارج الذين خرجوا عليه فأجبروه على قبول التحكيم ثم رفضوه ورفعوا شعار "لا حكم إلاّ لله". فحاربهم علي (ع) في النهروان بعد أن وعظهم وأقام الحجة عليهم، وقضى عليهم، مبيّناً فساد شعارهم بأنه "كلمة حق يُراد بها باطل" وكان عددهم (4000) خارجي لم يسلم منهم إلا عشرة
-       إستشهاد علي (ع):
لم يكتب لهذه التجربة الفريدة في الحكم أن تستمر وتعطي ثمارها حيث استشهد الإمام علي (ع) في مسجد الكوفة  عاصمة الخلافة  على يد الخارجي عبد الرحمن بن ملجم أثناء الصلاة وبذلك اختتم علي (ع) عبادته الكبرى التي افتتحها في جوف الكعبة وأنهاها في محراب الكوفة. ليقدّم للأمة المُثُل العُليا في التواضع والشجاعة والزهد والطهارة والاخلاص والحلم والعدل.
* علمه:
عالِمَ ربانيَّ يقول على ملأ من الناس: "سلوني قبل أن تفقدوني"مَن ذا الذي يجرؤ من الناس أن يقول هذا الكلام فوق المنبر على حشد من ألوف الخلق وما يؤمنه أن يسأله سائل عن مسألة لا يكون عنده جوابها فيُخْجِله فيها إلا أن يكون مؤيَّداً بتأييد إلهي لا يغيب عنه جواب مسألة مهما دقت وأشكلتْ عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر يتعوَّذ من معضلةٍ ليس لها أبو حسنٍ وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا ثبت لنا الشيء عن علي لم نعدل عنه إلى غيره.
* شجاعته:
ضربتْ بها الأمثال قد باشر الحرب وعمره عشرون سنة تقريباً  وقد أنسى ذكر مَن كان قبله ومحا اسم مَن يأتي بعده يعجز المرء عن وصفها مع كثرة شواهدها  وكفى في ذلك أنه ما فرَّ في موطن قط  ولا ارتاع من كتيبة ولا بارز أحداً إلا قتله ولا ضرب ضربة قط فاحتاجت إلى ثانية وكانت ضرباته وتراً إذا علا قدَّ وإذا اعترض قطَّ، ولا دُعي إلى مبارزة فنكلَ وظهرتْ شجاعته في كل المواطن بدءاً بليلة مبيته على فراش النبي و لمَّا سار بالفواطم بعد الهجرة جهاراً من مكة وليس معه إلا ابن أم أيمن وأبو واقد الليثي وهما لا يغنيان شيئاً فلحقه ثمانية فرسان من قريش أمامهم جناحُ مولى حرب بن أمية فأهوى إليه جناحُ بالسيف وهو فارس وعليٌّ راجل فحاد عليُّ عن ضربته وضربه لما انحنى على كتفه فقطعه نصفين حتى وصلت الضربة إلى قربوس فرسه وانهزم الباقون وفي يوم بدر قَتَل الوليدَ بن عتبة وقتل جماعةً من صناديد المشركين حتى روي أنه قتل نصف المقتولين أو أزيد من النصف بواحد وقتل باقي المسلمين مع الملائكة المسوَّمين النصف الثاني وفي يوم أُحد قتل أصحاب اللواء وحامى عن النبي (ص) وكلما أقبل إليه قوم ندبه النبي إليهم فيفرقهم ويقتل فيهم حتى عجب منه جبرائيل وقال: يا رسول الله إن هذه للمواساة ونادى: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا عليٌّ وفي وقعة الخندق جالتْ خيولُ فوارسَ من قريش بهم في السبخة بين الخندق وسَلْع وخرج علي بن أبي طالب في نفر من المسلمين فأخذوا عليهم الثغرة وكان عمرو بن عبد وَدّ قد خرج مُعْلِمَا فقال له علي: يا عمرو إنك عاهدتَ أن لا يدعوك رجل من قريش إلى خصلتين إلا أخذتَ إحداهما؟ قال: أجل قال له عليّ: فإني أدعوك إلى الله والإسلام قال: لا حاجة لي بذلك قال علي: فإني أدعوك إلى النزال قال: ما أحب أن أقتلك قال علي: ولكني أحب أن أقتلك فحمي عمرو عند ذلك فنزل عن فرسه وعقره ثم أقبل على عليّ فتجاولا وقتله عليّ وخرجت خيلهم منهزمة وقُتل مع عمرو رجلان قتل عليّ أحدهما وأصاب آخر سهم فمات منه بمكة ويوم خيبر أتى عليُّ بن أبي طالب فأشرف عليه رجل من يهود فقال: مَن أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب. فقال اليهودي: غُلبتم يا معشر يهود وخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر يماني قد نقبه مثل البيضة على رأسه وهو يقول:
قد علمتْ خيبرُ أني مرحبُ شاكي السلاح بطلٌ مجرَّبُ
فقال عليّ:
أنا الذي سمَّتني أمّي حيدرهْ
أكيلكم بالسيف كيلَ السندَرَهْ
ليثٌ بغاباتٍ شديدٌ قسورهْ
فاختلفا ضربتين، فبدره عليّ فضربه فقدَّ الحَجَفة والمغفر ورأسه حتى وقع في الأرض وأخذ المدينة وقال أبو رافع مولى رسول الله ( ص): خرجنا مع عليّ حين بعثه رسول الله برايته إلى خيبر فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه يهودي فطرح ترسه من يده فتناول علي باباً كان عند الحصن فتترَّس به عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله على يديه ثم ألقاه من يده فلقد رأيتني في نفر سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه
 
* حلمه
 كفى لإثبات بلوغه أعلى درجة الحلم حلمه عن أهل الجَمَلِ عموماً وعن مروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير خصوصاً.
* جوده وسخاؤه
 أسخى من السحاب الهاطل لا يُبارى ولا يجارى في ذلك ولا يُماثَل قال الشعبي: كان أسخى الناس وقال عدوه معاوية : لو مَلَكَ بيتاً من تبرٍ وبيتاً من تبنٍ لأنفق تبره قبل تبنه ولم يعمل بآية النجوى غيره (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدِّموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر) وأعتق ألف عبدٍ من كسب يده  ولم يقل لسائل لا قط  عمل في حفر الآبار وإستصلاح الأراضي وقام بتوزيعها على الفقراء

* زهده
 كان يُكنِّس بيت المال ويصلي فيها (فارغةً) ويقول:  يا صفراء ويا بيضاء غُرِّي غيري ولم يخلِّفْ ميراثاً وكانت الدنيا كلها بيده عن علي بن جزء قال: سمعتُ أبا مريم السلولي يقول: سمعتُ عمارَ بنَ ياسر يقول : سمعتُ رسول الله ( ص ) يقول لعلي بن أبي طالب: "يا علي إن الله  قد زيَّنك بزينة لم يتزيَّن العباد بزينة أحب إليه منها: الزهد في الدنيا فجعلك لا تنال من الدنيا شيئاً ولا تنال الدنيا منك شيئاً
* صفاته وبعض ما قيل فيه (ع)
روي أن ضرار بن ضمرة الكناني دخل على معاوية فقال له: صف لي علياً قال: اعفني قال : لتصفنَّه قال:  أما إذا كان لا بد من وصفه فإنه كان والله بعيد المدى شديد القوى يقول فصلاً ويحكم عدلاً يتفجَّر العلم من جوانبه  وتنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها ويأنس بالليل ووحشته وكان غزير الدمعة طويل الفكرة يقلِّب كفَّه ويخاطب نفسه يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ما جشب كان فينا كأحدنا يدنينا إذا أتيناه ويجيبنا إذا سألناه ويأتينا إذا دعوناه وينبئنا إذا استنبأناه ونحن والله مع تقريبه إيانا وقربه منَّا لا نكاد نكلِّمه هيبةً له فإن تبسَّم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم يعظم أهل الدين ويقرِّب المساكين لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله وأشهد وقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليلُ سدوله وغارت نجومه قابضاً على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين فكأني أسمعه الآن وهو يقول:  "يا ربنا، يا ربنا". يتضرع إليه ثم يقول:  "يا دنيا، غرِّي غيري إليَّ تعرَّضتِ أمْ إليَّ تشوَّفتِ هيهات، هيهات قد بتتك ثلاثاً لا رجعة فيها فعمركِ قصير وخطركِ كبير وعيشكِ حقير آهٍ آهٍ من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق
قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة:
كان أمير المؤمنين (ع)  ذا أخلاق متضادة منها ما ذكره الرضي وهو موضع التعجب لأن الغالب على أهل الشجاعة والجرأة أن يكونوا ذوي قلوب قاسية وفتك وتمرد والغالب على أهل الزهد والاشتغال بالمواعظ أن يكونوا ذوي رقة ولين وهاتان حالتان متضادتان وقد اجتمعا له  (ع) ومنها أن الغالب على شرفاء الناس ومَن هو من أهل بيت السيادة والرياسة الكبرُ والتيه وكان أمير المؤمنين ( ع ) لا يشك عدوٌّ ولا صديق أنه أشرف خلق الله نسباً بعد النبي ( ص) وقد حصل له من غير شرف النسب جهات كثيرة متعددة ومع ذلك كان أشد الناس تواضعاً لصغير وكبير وألينهم عريكة وأبعدهم عن كِبر في زمان خلافته وقبلها لم تغيره الأمرة ولا أحالت خلقه الرياسة وكيف ولم يزل رئيساً أميراً
قال أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي في تاريخه المعروف بالمنتظم:
تذاكروا عند أبي عبد الله أحمد بن حنبل خلافةَ أبي بكر وعلي فأكثروا فرفع رأسه إليهم وقال:
قد أكثرتم إن علياً لم تزنه الخلافة ولكنه زانها.
وقال الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني في كتابه حلية الأولياء في ترجمته:
علي بن أبي طالب سيد القوم محب المشهود ومحبوب المعبود باب مدينة العلم والعلوم ورأس المخاطبات ومستنبط الإشارات راية المهتدين ونور المطيعين وولي المتقين وإمام العادلين أقدمهم إجابةً وإيماناً وأقومهم قضيةً وإيقاناً وأعظمهم حلماً وأوفرهم علماً علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه قدوة المتقين وزينة العارفين المنبئ عن حقائق التوحيد صاحب القلب العقول واللسان السؤول والأذن الواعي فقأ عيون الفتن فدفع الناكثين ووضع القاسطين ودفع المارقين
قال أبو إسحاق النظّام: علي بن أبي طالب محنة على المتكلم إنْ وفَّاه حقه غلا وإنْ بخسه حقه أساء والمنزلة الوسطى دقيقة الوزن صعبة المرتقى إلا على الحاذق الدَّين
قال عباس محمود العقاد في كتابه عبقرية الإمام:  ولد علي في داخل الكعبة وكرَّم الله وجهه عن السجود لأصنامها فكأنما كان ميلاده ثمة إيذاناً بعهد جديد للكعبة والعبادة فيها بل قد ولد مسلماً على التحقيق إذا نحن نظرنا إلى ميلاد العقيدة والروح لأنه فتح عينيه على الإسلام وعرف العبادة في صلاة محمد وزوجه الطاهرة قبل أن يعرفها من صلاة أبيه وأمه. لقد ملأ الدين الجديد قلباً لم ينازعه فيه منازع من عقيدة سابقة ولم يخالطه شوب يكدر صفاءه فبحق ما يقال: أن علياً كان المسلم الخالص على سجيته المثلى وأن الدين الجديد لم يعرف قط أحداً أصدق إسلاماً ولا أعمق نفاذاً منه ومهما كان الحال فلم يتردد أحد في سبقه إلى الإسلام والإيمان برسالة محمد بن عبد الله إلا بعض مَن أعمى التعصُّبُ قلوبَهم، فقالوا بأنه كان أصغرهم سناً في حساب الأعوام والشهور
كفعمي العاملي
أسألكم الدعاء









































ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق