الخميس، 14 يونيو 2012

الإمام الكاظم عليه السلام – الموقف السياسي



بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
هناك جوانب مهمة وأساسية من حياة الأئمة عليهم السلام القليل من يسلط الضوء عليها مع أنها من حيث الأهمية نستطيع القول أنها أهم من تاريخ الولادة والألقاب والمعاجز والزوجات وعدد الأبناء وأسمائهم الخ ...
فما نحن أحوج إليه في حاضرنا هو سيرة الأئمة وليس سيرهم ونعني بالسيرة النهج والمواقف التي إتخذوها وتعاملوا بها مع الأحداث
وتعتبر مرحلة حياة الإمام الكاظم عليه السلام وإمامته التي دامت خمساً وثلاثون سنة غنية بالمواقف والأحداث فقد عاصر أربعة من أعتى خلفاء بني العباس وكانت فترة إمامته أقسى نسبياً من مرحلة أبيه الإمام الصادق عليه السلام سياسياً ففترة إمامة والده كانت مرحلة إنتقالية بين حكم الأمويين وحكم العباسيين فكانت الوطئة أخف عما هي عليه بعد توطيد العباسيين لحكمهم
عاصر الإمام  المنصور الدوانيقي الذي لم يتورع عن إبادة الحرث والنسل وتربّع من بعده على العرش إبنه محمد المهدي وسار على نهج سلفه وبعد هلاكه خلفه الشاب النزق الفاسق موسى الهادي العباسي ليخلفه بعد موته الطاغية الجبار هارون الرشيد وخلال هذه الفترة  تحمّل الإمام صنوف وألوان من الإرهاب والتنكيل السياسي والفكري والنفسي والجسدي
فكيف تعامل الإمام مع هذه الأوضاع ؟
لقد واجه الإمام الكاظم عليه السلام كل تلكم المآسي بعزم ثابت وإرادة لا تلين وصمم على مواجهة جور حكام بني العباس وإبراز عدم شرعية حكمهم وكان يستغل كل مناسبة لإبداء التحفظات والإنتقاد بالرغم من كل ما كان يتعرض له وحرّم التعامل والعمل في أجهزة الحكم وندد بمواقف المتملقين للسلطان
وسأكتفي بذكر نموذجين فيهما دلالة قوية على موقفه هذا
قال صفوان ابن مهران الجمّال دخلت على ابي الحسن الأول ( الكاظم ) فقال لي: يا صفوان  إن كل شيء منك جميل ما خلا شيئاً واحداً
قلت جُعلت فداك أي شيء ؟
قال : إكراؤك جمالك من هذا الرجل (يعني هارون الرشيد)
قال صفوان : والله ما اكريته اشراً ولا بطراً ولا للصيد ولا للهو ولكني أكريته لهذا الطريق ( اي طريق الحج إلى مكة ) ولا أتولاه ولكن ابعث غلماني
فقال لي : يا صفوان أيقع إكراؤك عليهم ؟
قلت : نعم جعلت فداك
قال لي : أتحب بقائهم حتى يخرج كراؤك ؟
قلت : نعم
قال : فمن أحب بقاءهم فهو منهم ومن كان منهم كان وارداً النار ......
النموذج الثاني
قال زياد بن أبي سلمة دخلت على ابي الحسن موسى عليه السلام فقال لي : يا زياد إنك لتعمل عمل السلطان ؟ (اي موظف عنده)
قلت : أجل
قال : ولمَ؟
قلت : أنا رجل لي مروة وعليّ عيال  وليس وراء ظهري شيء
فقال لي : يا زياد لأن أسقط من حالق (جبل عال) فأتقطع قطعة قطعة أحبّ إلي من أتولى لأحد منهم عملاً أو أطأ بساط رجل منهم إلا لماذا ( بمعنى إلا في حالة واحدة)؟
قلت : لا أدري جعلت فداك ؟
قال : إلا لتفريج كربة مؤمن أو فكّ اسره او قضاء دينه يا زياد إن أهون ما يصنع الله بمن تولى لهم عملاً أن يضرب عليه سرادق من نار إلى أن يفرغ الله من حساب الخلائق ...
من خلال هذين النموذجين ندرك عظيم ما يقع فيه البعض من محاباة لسلاطين الجور وموقف الإمام واضح جداً والإستثناء الوحيد ايضاً واضح جداً فلا يتحججنّ أحد ببطش السلاطين فالجواب أن ما سوف تتعرض له لا يقاس بما تعرض له الإمام الكاظم عليه السلام ولا يتذرعنّ أحد بالعيال وضرورات العيش هذه سيرة أئمتنا وهذا نهجهم هكذا يعلموننا وبهذا يجب ان نقتدي لا أن نستغرق بتواريخ ولادتهم ووفاتهم فقط على أهميتها 
والحمد لله رب العالمين
كفعمي العاملي 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق