بحث مهم حول الهلال وثبوته
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
· المقدمة
البحث حول موضوع الهلال كان وما زال مثاراً للنقاش والبحث ومادة للجدل بين العلماء أنفسهم وبينهم وبين المنجمين في الماضي وبينهم وبين الفلكين في عصرنا الحاضر وتبنى غالب الفقهاء إلا ما ندر موقف الأئمة (ع) في رفض البناء على أقوال المنجمين ويتكرر طرح الموضوع عادة ثلاث مرات سنوياً الأول في إثبات هلال شهر رمضان لتحديد بداية الصوم وما يرتبط به من تحديد ليلة القدر وفي إثبات هلال شهر شوال لتحديد عيد الفطر السعيد وفي إثبات هلال أول شهر ذي الحجة لتحديد الوقوف على عرفة ويوم عيد الأضحى المبارك وطبعاً هناك العديد من المسائل الأخرى ترتبط بهذه المسالة اعرضنا عن تناولها إختصاراً
· معنى الهلال
- قال الشيخ الطبرسي في مجمع البيان :" وإنما قيل هلال لأنه حين يُرى يهل الناس بذكره "
- وقال إبن منظور في لسان العرب " الهلال غرة القمر حين يهله الناس في غرة الشهر "
فالهلال إسم للقمر في حالة من حالاته لا دائماً ويطلق عليه عندما يتكون النور الكافي في جرم القمر بمقدار يكون قابلاً للرؤية (سيأتي الشرح علمياً )
· أهمية إثبات الهلال في الشريعة
من خلال الآيات الكريمة الواردة في كتاب الله نجد أن المسألة ترتبط إرتباط وثيق بأمهات العبادات في الإسلام الصلاة والصيام والحج وكمثال نذكر ثلاث آيات قال الله تعالى
{أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً }الإسراء
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }البقرة185
{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ }البقرة197
وكما هي طريقة القرآن في بيان القضايا التشريعية بالإجمال جاء بهذا بخطوطها العريضة وجاءت السنة تعاضده فقد ورد أن معاذ بن جبل قال : يا رسول الله إن اليهود يكثرون مسألتنا عن الأهلة فنزل قول الله تعالى
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ .... }
· رؤية الهلال على لسان النبي (ص)
الباحث في الكتب الروائية لا يجد صعوبة في إستخراج الأحاديث التي اجاب فيها النبي (ص) على أسئلة المسلمين واوضح فيها ما يجب إيضاحه فقد إشتهر قول النبي (ص) عند جميع فرق المسلمين قوله :" صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته "
وقال (ص) :" صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن غُمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين " وقال (ص) :" الشهر تسعة وعشرون لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غُمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين "
· بحث المسألة علمياً
القمر جرم سماوي كروي الشكل وهو الأقرب إلى الأرض يبعد 384400 كلم كمعدل وسطي وهو مظلم كالأرض ويستنير بأشعة الشمس ثم يعكسها على الأرض الذي يبرز لها نسبة 59 % من سطحه يبلغ قطر القمر 3475 كلم وسرعة مداره 3683 كلم يقوم القمر بدورة كاملة حول الآرض مرة واحدة كل أربعة أسابيع تقريباً وهو يتحرك في كل ساعة أرضية بمقدار نصف درجة في مدار يسمى " زودياك " وتقاس دورة الأرض
- الأشهر النجمية : وهي الفترة التي يحتاجها ليدور دورة واحدة حول الأرض بالنسبة للنجوم وتستغرق 27 يوماً أرضياً وثلث يوم تقريباً
- الأشهر الإقترانية : وهي الدورة التي يحتاجها القمر ليدور دورة كاملة حول الأرض بالنسبة للشمس حيث تؤثر فيه حركتان حركة الأرض و حركة الشمس وتستغرق 29 يوماً ارضياً و12 ساعة و49 دقيقة و3 ثواني زلا بد من الإشارة أن بدء تكون الهلال يتأخر كل شهر عن سابقه 13 ساعة تقريباً ولذا يتغير موقع تولده كل شهر فلا يُرى في نفس النقطة
فنحن إذاً لا نرى من القمر إلا جانباً واحداً مع أن جميع أسطح القمر تتعرض لضوء الشمس أثناء دورانه حول نفسه فنرى أجزاء متعاقبة من سطحه المضيء فعندما يكون القمر بين الشمس والأرض يكون سطحه المظلم أمامنا وسطحه المضيء في الجهة المقابلة فلا نرى منه شيئاً ويسمى هذا الوضع " بالمحاق " ويكون حينئذ في اقرب أوضاعه للشمس وعند بدء تحركه إلى الشرق يبدأ وجهه المضيء بالإطلال علينا ونسميه عندها " الهلال " ( وهذه نقطة مهمة سنعود إليها لاحقاً فتذكروها ) وبعد سبعة أيام من ليلة المحاق يصبح نصف دائري فنسميه "التربيع الأول " وعندما يكتمل نموه ويصبح دائري نسميه " البدر " وفي هذه الحالة تكون الأرض بين القمر والشمس ويكون القمر في اقصى أوضاعه من الأرض ثم يبدأ بالتناقص ويتأخر غروبه ليلة بعد ليلة فيتحول إلى نصف دائرة ونسميه " التربيع الأخير "حتى يعود إلى " المحاق "
بعد هذه المقدمة نقول نحن لن ندخل في بحث فقهي أصولي حول هل الرؤية موضوعية أو طريقية ونترك هذا البحث الشائك لأهله ولكن سنتحدث علمياً فقط كي لا يهول علينا دعاة العلمية والتطور كعادتهم لينعتونا بالجهل بل سنثبت مدى جهلهم هم والفرق بين إثبات الهلال شرعياً وإثباته علمياً لأن هنا مكمن خطأهم وجهلهم فنقول أنه علمياً اليوم يتمكن علماء الفلك من تحديد توقيت ولادة الهلال بالثانية ولكن هذا لا يفيدنا شرعاً لأن المدار ليس الولادة بل الرؤية كما هو ثابت من خلال النصوص الشرعية وهذا مالم يتمكن علماء الفلك من التوصل إليه فعلماء الفلك يختلفون
أولاً : في العمر المطلوب للقمر بعد الولادة حتى يُرى فعلاً على أقوال
- ثلاث درجات ونصف تقريباً أي سبع ساعات وربع
- أربع درجات أي ثمان ساعات
- ست درجات أي 12 ساعة
- 7 درجات أي 14 ساعة
- 8 درجات أي 16 ساعة
- 10 درجات اي 20 ساعة
- 12 درجة اي 24 ساعة
ثانياً : اختلفوا أيضاً في مقدار المكث المطلوب على اقوال 40 د – 36- 32- 30 – 20 د
وهذه الإختلافات ينتج عنها او قد يؤدي إلى أن يختلف الشهر يوماً بين رأي ورأي فكيف نطمئن شرعاً على شيء لم يتمكن العلم من التوصل إليه بدقة ونحن نعلم وكما ذكرنا اعلاه أن الهلال معناه عند أهل اللغة انه حين يُرى يهل الناس بذكره فلا يكفي تحديد لحظة ولادته بل المهم لحظة رؤيته وهذا ما اوضحه الشرع
أسالكم الدعاء
كفعمي العاملي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق