الثلاثاء، 30 أكتوبر 2012

الروافض في عيد الغدير




الروافض في عيد الغدير
الكاتب حسن محمد الأنصاري
 
كلمة «رفضة» و«روافض» اتسع استخدامها لتصبح مصطلحا سياسيا لتوجيه الاتهام والإرهاب الفكري والعقائدي ضد كل من يعبر عن حبه للإمام علي عليه السلام وأهل بيته و«يرفض» خلفاء بني أمية حتى وإن لم يكن شيعيا.
رفض أي ترك والقوم «رفضة» وروافض لأنهم من محبي أهل بيت النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن شيعة الإمام علي عليه السلام.
و قديما وظف هذا المصطلح في أدبيات علماء البصرة من أمثال «الأصمعي» وتلميذه «الجاحظ» المعتزلي والأشاعرة والشعوبيين واستخدم لتمييز الشيعة لأنهم رفضوا المنهج السياسي لحكم وإدارة الدولة انطلاقا من عهد دولة الخلفاء بل وأطلق على كل من يعبر عن حبه للإمام علي وذريته (ع). يذكر «النوبختي» أن شيعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) ظهروا في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد أحصى الدكتور الشيخ «أحمد الوائلي» رحمه الله أكثر من مئة صحابي ممن كانوا يتشيعون للإمام علي (ع) أما من التابعين فقد بلغوا المئات.
أئمة المسلمين الذين لم ينكروا فضل أستاذهم بالفقه الإمام جعفر الصادق (ع) وعلى الرغم من اختلافهم في الاجتهاد والرأي إلا أن ذلك لم يمنعهم من إظهار حبهم ومودتهم لأهل البيت عليهم السلام فنجد أن «أبا حنيفة» (رحمه الله) كان على بيعة محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ومن شيعته وحين بلغ الأمر الخليفة المنصور حبسه حتى مات في السجن والمضحك أن أبا حنيفة اتهم بالتشيع لأنه كان يفضل الإمام علي عليه السلام على الخليفة «عثمان». والإمام «مالك بن أنس» (رحمه الله) انتقد حكم عبدالرحمن الداخل «الأموي» في الأندلس ولم يرض عن ظلم الخلفاء العباسيين واغتصابهم السلطة وأخذ البيعة بالإكراه ولما أفتى بسقوط يمين الإكراه بفتواه «لا يجيز طلاق المكره» نال منه والي المدينة وضربه بالسياط حتى انخلع كتفاه ولزم بيته وحدث ما كان يحذر منه حيث حاصر «عيسى بن موسى» قائد جيش أبي جعفر المنصور المدينة المنورة وقتل أبناء المهاجرين والأنصار واضطهد آل علي بن أبي طالب (ع) وقتل محمد النفس الزكية وأخاه إبراهيم رحمهما الله. الإمام الشافعي أيضا ناله الكثير من الاتهام بالتشيع وقصيدته :
يا راكبا قف بالمحصب من منى و أهتف بقاعد فيها والناهض
سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى فيضا كملتطم الفرات الفائض
إن كان رفضا حب آل محمد فليشهد الثقلان أني رافضي
تدل أنه لم يسلم من اتهامات مبغضي أهل البيت عليهم السلام بل حتى الإمام «احمد بن حنبل» (رحمه الله) كان محاصرا من بعض النواصب وكانوا يحاولون ثنيه من مصاحبة عبدالرحمن بن صالح الشيعي وقالوا له إنه «رافضي» فكان جوابه : «رجل أحب قوما من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله، نقول له لا تحبهم، وهو ثقة». هكذا نجد أن أئمة المسلمين وخصوصا من يروي مناقب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ويظهر حبه لأهل بيته ألصقت به تهمة التشيع و«الرفض» مثل «الحاكم النيسابوري» حتى أن «ابن عبد البر الأندلسي» الذي كان ينصب العداء لأهل البيت لم يسلم وذلك بسبب رواية نقلها تمس كرامة الأمويين. نواصب هذا الزمن تمادوا كثيرا في بغضهم وعداوتهم ليس فقط للشيعة بل للمسلمين كافة حيث ان مشايخهم «يرفضون» الإنتاج الفقهي والأصولي لأبي حنيفة ومالك والشافعي جملة وتفصيلا كما يعتبرون الأشاعرة كفرة لأنهم كانوا وراء سجن «ابن تيمية» لأنه خالف عقائد المسلمين حين دعى «التجسيم والتشبيه» كما أن أحد مشايخهم اعتبر الفقه الحنفي صنوا للإنجيل المزيف وآخر يقول ان الإمام الحسين عليه السلام ليس من السلف لأنه خرج على إمام زمانه «يزيد بن معاوية»و لكننا نجدهم يلزمون الصمت المطبق حيال الطائفة «الأحمدية» و«اليزيدية». هكذا نجد أن كلمة «رفضه» و«روافض» اتسع استخدامها لتصبح مصطلحا سياسيا لتوجيه الاتهام والإرهاب الفكري والعقائدي ضد كل من يعبر عن حبه للإمام علي عليه السلام وأهل بيته و«يرفض» خلفاء بني أمية حتى وإن لم يكن شيعيا وذلك خشية من المد الشيعي كما يدعون ولكن حقيقة أمرهم أنهم أنصار بني أمية. من حديث «البراء بن عازب» قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :«من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاده قال فلقيه «عمر» بعد ذلك فقال له: هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة» المصدر: ص 281-الجزء الرابع- مسند أحمد بن حنبل). هذا المرسوم الإلهي كان في يوم «غدير خم» وبحضور أكبر تجمع وحشد فاق مئة ألف من المسلمين رجالا ونساء وقد أخرج هذا الحديث في مئة وخمس طرق من مصادر مختلفة من كتب عامة المسلمين. هذا الحديث لا يمكن «رفضه» ولن نرفضه مهما طال الزمن وسوف نتمسك بقول النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإن «رفضه» البعض وهنئيا لجميع المسلمين المحبين لأهل بيت النبي في كافة أقطار العالم وهنيئا لجميع السادة الأشراف بعيد تنصيب الإمام علي (ع) مولى على المسلمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق