الثلاثاء، 7 مايو 2013

وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ



بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد



{وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }
لقد شاء الله تعالى أن يبعث بلطفه وحكمته رسلاً إلى الناس وأنبياء وشاء أن تتوالى هذه البعثات لتعريف الإنسان بخالق الوجود ووضعه على طريق الخير والهدى والسلام ولإجتثات جذور الظلم والفساد والضلال وتولد عن هذا صراع بين معسكرين معسكر الحق ومعسكر الباطل وذخر التاريخ بملاحم هذا الصراع المرير وفي هذه القضية يُبرز القرآن دور الإرادة والثبات والتضحية كركيزة أساسية يجب أن يتسلح بها المؤمن
إن القرآن يربي المؤمن على القوة والصلابة امام التحديات المختلفة ويحذر من تسلل الضعف والوهن إلى النفوس يريد أن يحرر الإرادة الضعيفة من الإنهزام فهو يصور لنا الإرادة أداة النصر على النفس والأعداء وتحديات الدنيا وإبتلاءاتها بإختصار يريد القول  أن المؤمن لا ينهزم ولا يلين ولا ينكسر
ويعرض القرآن نماذج ومصاديق حية ومشاهد شاخصة في ملحمة الصراع هذه يعرض أمثلة رائعة من حياة الأنبياء والرسل وأتباعهم وهم يجسدون هذه القيم والمبادىء
فيعرض تحدي نبي الله إبراهيم (ع) بمفرده أمام النمرود أعتى طواغيت الأرض وأمام الملأ من قومه لقد كان بمفرده امام هذا التحدي الكبير فوصفه الله تعالى بقوله
{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }
كان إبراهيم قوة بما إستجمع من قوة الإرادة وثبات العقيدة
ونموذج آخر نبي الله موسى (ع) الذي أرسله الله إلى فرعون عصره فذهب وتحداه بكلمة الحق
ثم ينقل القرآن الخطاب لأمة التوحيد
{وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ }
لاحظوا لا مكان للوهن ولا للضعف ولا الإستكانة هي سنة كونية وصراع منذ فجر التاريخ
وظاهرة تتكرر مع كل نبي في مواجهة الطاغوت ولكن الربانيون عظم الخالق في أعينهم فتصاغر كل شي أمامهم  وتلك الربانية هي سر القوة والعقيدة الراسخة والإرادة
والله يحب الصابرين هذه هي المكافأة التي لا تقدر بثمن ولا تحيط بها العقول إنها محبة الله تلك المنزلة الرفيعة  وهي  للصابرين الذين يصبرون في كل المواطن وأمام كل إمتحان فهم صابرون في مواجهة الباطل وهم صابرون على البلاء والفقر والمرض
وبالمقابل ذم الله الفئة الضعيفة والمتخاذلة ووصفها بالنفاق
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ }
هذه النماذج التي تنهار عند اول مواجهة لأنها بالحقيقة ضعيفة الإرادة وعقيدتها متزلزلة تعبد الله على حرف وتجعل فتنة الناس كعذاب الله هي فقط تقطف الثمار هي مؤمنة في السراء وتنقلب على وجهها في الضراء فإذا توفرت الأرباح والسلامة والمغانم وما تشتهي أنفسهم يتظاهرون بالإسلام أما اذا أصابها فقر أو مرض أو محنة أو تشريد تترك دينها وتغير إتجاهها
وما تقدم ليس كلام نظري فقط او للحديث عن التاريخ بل هو واقع نعاصره ونعيشه فالصراع هو هو والإبتلاءات هي هي فعلينا أن نكون بمستوى المسؤولية المناطة بنا فلا يتسرب إلى نفوسنا الضعف والوهن ولا نخضع في مواجهة الطواغيت ولا يتصورن أحد أن طريق الدعوة إلى الله مفروشة بالورود والرياحين علينا أن نوطن أنفسنا ونربيها على تحمل الصعاب والمشقة
الم{1} أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ{2} وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ{3}
فالسنة الكونية تقضي بأن نُفتن ونُمتحن كما فُتن الذين من قبلنا فالإيمان الصادق ومعرفة الله الحقة والإخلاص له هو سر الثبات والصبر ولا مكان لليأس والقنوط إذا أصابنا الفشل في بعض المراحل بكلمة واحدة المؤمن لا يُهزم
نسأل الله مقلب القلوب أن يثبت قلوبنا على دينه
كفعمي العاملي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق