الخميس، 9 فبراير 2012

سيرة المصطفى - مختصرة ووافية من مصادر موثوقة





بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
· مقدمة

نفتقد سيرة للنبي (ص) تكون مختصرة ووافية وتشمل مراحل حياته الشريفة في نفس الوقت تمكن القارىء من الإطلاع على سيرته العطرة بوقت وجيز بدون تسرب الملل إليه من السرد التفصيلي الذي يهتم به أهل هذا الفن وأيضاً أخذ هذه السيرة من مصادر موثوقة لأنه مع الأسف تم تشويهها حتى أن بعض المسائل أصبحت من المسلمات عند البعض وسأحاول قدر المستطاع وبالإستعانة بعدة مصادر إيراد أهم المحطات في حياة النبي (ص) مع الإشارة لبعض النقاط المهمة بخط أسفل منها راجياً من الله تعالى ورسوله (ص) تقبل بضاعتي المزجاة هذه
· الولادة والنشأة
كانت الجزيزة العربية مهد الولادة والرسالة محاطة آنذاك بأمبرطوريتين عظيمتين ففي الشرق مملكة فارس وديانتها المجوسية وفي الغرب مملكة الروم وديانتها المسيحية وكانت الطبيعة الصحراوية القاسية تشكل سداً أمام تمدد هاتين القوتين إلى داخل الجزيرة العربية فكانت تتمتع بإستقلال ذاتي نسبياً والقوانين السائدة فيها هي ما تحكم به القبائل والديانة المهيمنة عبادة الأصنام وأقلية يهودية في يثرب وحولها وأخرى مسيحية تتوزع في بعض الأديرة ووالقليل ممن كانوا على الحنفية الإبراهيمية في وسط هذا الخضم المتلاطم أطل النبي (ص) عند الفجر من يوم الجمعة السابع عشر من ربيع الأول عام 53 قبل الهجرة (عام الفيل ) في مكة المكرمة وقد ولد مختوناً ومقطوع السرة وصاحبت ولادته الشريفة عدة حوادث منها سقوط أربع عشرة شرفة من شرفات إيوان كسرى أنوشروان وخمود نار فارس وجفاف بحيرة ساوة وإنكباب الأصنام في الكعبة على وجهها وغيرها
ولد محمد (ص) يتيم بعد وفاة أبيه عبد الله بن عبد المطلب وكانت أمه السيدة آمنة بنت وهب حاملة به فكفله جده عبد المطلب وعلى عادة العرب في تسليم المواليد إلى المراضع في البادية حيث الهواء الطلق والحياة الهادئة فقد إختار جده حليمة السعدية من قبيلة بني سعد المشهورة بفصاحتها وشجاعتها فرعته رعاية الأم الحنون وقد ظهرت له من الكرامات في بني سعد مما لايتسع المجال لذكرها ومكث عندهم خمس سنوات ثم أعادته حليمة إلى جده وأمه وإزداد الزمن قسوة عليه بوفاة أمه السيدة آمنة وهو مازال في السادسة ثم جده عبد المطلب وهو في الثامنة فكفله عمه أبو طالب منذ صباه كان يُدعى بالصادق الأمين وكانت نفسه تتعالى عن الحرام بعيداً عن كل ما لوث حياة الناس مستهيناً بالأصنام حسن السيرة لم تصدر عنه خطيئة ولا عمل مشين شارك في حلف الفضول الذي من بنوده نصرة المظلوم وإمتنع واعمامه عن المشاركة في حرب الفجار
خرج مع عمه أبي طالب في تجارة إلى الشام وله من العمر 9 سنوات وقيل 12 سنة فرأه الراهب بحيرا في بصرى وبشر عمه بانه نبي وأوصاه من كيد اليهود له وكان له الفضل في فصل النزاع بين قبائل قريش في من يضع الحجر الأسود فوضعه بيديه الشريفتين في محله وخرج مرة ثانية إلى الشام وهذه المرة بدون عمه في تجارة للسيدة خديجة بنت خويلد وله من العمر 25 سنة وبعد رجوعه بشهرين إقترن بالسيدة خديجة التي لم تكن قد تزوجت أحد قبله وكان رسول الله (ص) يودها ويحبها ولم يتزوج في حياتها بإمرأة غيرها وروي عن النبي (ص) أنه قال :" خير نساء أمتي خديجة بنت خويلد " [ تذكرة الخواص / سبط بن الجوزي ص 302] وفي رواية أخرى " أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم ينت عمران وآسية بنت مزاحم " [مستدرك الحاكم ج3ص157و125] وانجبت له القاسم والطاهر والزهراء فاطمة (ع)


· البعثة الشريفة

المرحلة الأولى – الدعوة السرية

بلغ النبي (ص) سن الأربعين فأمره الله عزّ وجلّ بتبليغ الرسالة فنزل عليه الوحي وإرتبط بمبدأ العالم وخالقه فآمنت به خديجة وكانت اول من آمن به من النساء واسلم بعدها علي (ع) الذي كفله النبي (ص) بعد أن أصيبت قريش بقحط شديد فتربى في حجر النبوة وبدأت الدعوة مرحلتها الأولى وهي السرية وإستمرت ثلاث سنين فكان النبي (ص) يكتفي فيها بالذهاب إلى مناطق تجمع الناس كالمسجد الحرام ومنى ويقيم الصلاة أمام الآخرين مع علي وخديجة وكان هذا الأمر بمثابة أسلوب عملي هادىء في الدعوة خلال هذه المرحلة بلغ عدد من اسلم حوالي الأربعين شخصاً كانت دار الأرقم مقر لقاءاتهم

المرحلة الثانية – الدعوة العلنية

بدأت بإنذار الأقربين من عشيرته فدعا النبي (ص) عشيرته وكانوا حوالي أربعين نفراً دعاهم في اليوم الأول إلى الطعام فأكلوا فلما اراد أن يكلمهم بدره عمه أبو لهب إلى الكلام فتفرقوا فدعاهم بعد أيام وقال أمرني ربي أن أدعوكم فايكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصي وخليفتي من بعدي فأحجم القوم إلا علي (ع) فأخذ برقبته وقال إن هذا أخي ووصي وخليفتي فيكم من بعدي فإسمعوا له وأطيعوا فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لإبنك [ رواه جمع كبير منهم ابن حنبل في مسنده والثعلبي في تفسيره والكنجي في كفاية الطالب وإبن الثير في تاريخه والطبري في تفسيره وأبو نعيم في حلية الأولياء والبيهقي في السنن والدلائل والحاكم في المستدرك وغيرهم ] ثم كانت دعوته العلنية عندما وقف على جبل الصفا ودعى الناس جميعاً وأثر ذلك إزداد عدد المسلمين لاسيما من الفقراء والمستضعفين وبدأ ضغط قريش من خلال ذهابهم إلى أبي طالب ليطلبوا منه منع النبي (ص) من الإستمرار في دعوته فردهم ابو طالب ثم اعادوا الكرة فمرة محاولة إغراء بالمال والجاه واخرى التهديد بالقتل وكان أبو طالب في كل مرة سداً منيعاً وحارساً أميناً فإنتقلت قريش إلى أساليب أشد وأقسى وبدأت بتعذيب وإضطهاد الصفوة ممن أسلموا فكانت الشهيدة الأولى أم عمار وزوجها ياسر ولم تكتفي قريش بهذا بل عمدت إلى المقاطعة الإجتماعية والإقتصادية لبني هاشم وعلقت على الكعبة وإشتدت المحنة على النبي (ص) بوفاة ابي طالب ثم بعد أيام زوجته الوفية خديجة ففقد المدافع والحامي والحضن الدافىء وسمي ذلك العام بعام الحزن فأمر النبي (ص) أتباعه وبالأخص المستضعفين منهم بالهجرة إلى الحبشة فهاجر إثنان وثمانون شخصاً بقيادة جعفر بن أبي طالب فوجدوا الأمن والأمان عند النجاشي ملك الحبشة بالرغم من محاولة قريش إستعادتهم وحاول النبي (ص) توسيع دائرة الدعوة والبحث عن أرض جديدة بعيداً عن أذى قريش فتوجه تلقاء الطائف ودعى بني ثقيف فسخروا منه وألبوا عليه الصبيان فخرج منها مناجياً ربه " إلهي إن لم يكن بك غضب عليّ فلا ابالي " ولم يؤمن من الطائف سوى رجل نصراني

المرحلة الثالثة – الهجرة

أمضى النبي (ص) في مكة ثلاثة عشر عاماً يتحمل أصناف وأنواع المشقات وإستغل موسم الحج فبدأ يعرض الإسلام على القبائل القادمة إلى مكة وفي موضع يدعى العقبة كان اللقاء والمنعطف التاريخي حين عرض الإسلام على سبعة أنفار من قبيلة الخزرج القادمين من يثرب وفي العام الثاني إلتقى وفد من اثنا عشر رجلاً من غالبية قبائل يثرب فبايعوا الرسول على عدم الشرك بالله والتخلق بأخلاق افسلام كما أمر الله وأوفد معهم مصعب بن عمير ليعلمهم أمور دينهم فبدأ الإسلام ينتشر في يثرب وكانت بيعة العقبة الثانية حيث وفد خمسة وسبعون رجلاً من يثرب بايعوا الرسول (ص) على نصرته والدفاع عنه وكان اللقاء بحضور عمه العباس وبهذا بدأت الرسالة مرحلة جديدة هي المرحلة التطبيقية وبناء الدولة ومعها تبدل الخطاب القرآني من التركيز على مفهوم العقيدة ومحاججة المشركين إلى التشريع وبيان الأحكام بعد توفر أرض جديدة للدعوة بدأت هجرة المسلمين من مكة وكان على النبي (ص) هجرة مكة موطنه الحبيب إلى يثرب فأخبر إبن عمه علي بن ابي طالب (ع) بذلك وأطلعه على مكر قريش لقتله وأمره بالمبيت على فراشه فقال له علي(ع) : او تسلم إن فديتك بنفسي ؟ فأجابه النبي(ص) : نعم بذلك وعدني ربي فرحب علي (ع) وتقدم إلى فراش الرسول (ص) مطمئن النفس فكان أول فدائي في الإسلام فنزلت الآية {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ }[ تفسير الرازي ج 1ص 57] وجاء ابو بكر بعد خروج النبي (ص) إلى علي (ع) وسأله عنه فأخبره بخروجه فلحق به في الطريق قبل أن يدخل الغار( بعض المصادر المعتبرة تؤكد عدم وجود ابو بكر مع النبي (ص) في الغار إنما فقط دليله ولهذا بحث آخر ) ولما دخلاه قضت حكمة الله ومشيئته أن تنسج العنكبوت على بابه وأن تلتجىء إلى بابه حمامتان برّيتان وبهذا حفظ نبيه من مطاردة قريش له ومحاولة إقتفاء أثره وكان خروجهما من الغار بعد ثلاثة ايام ومن ثم بدأت هجرة الرسول (ص) إلى يثرب وفور وصوله إليها أمر ببناء المسجد النبوي الشريف وإتخذ منه داراً للعبادة والإجتماع والتوجيه ومتابعة أوضاع الأمة وخطوته الثانية كانت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار لشد اواصر بنيان المجتمع الإسلامي وأخا بينه وبين علي (ع)

المرحلة الرابعة – المواجهة العسكرية

كما ذكرنا سابقاً كانت اولويات الرسول (ص) فور وصوله إلى يثرب تأسيس المجتمع الإسلامي وتركيز المفاهيم والتشريعات في عقول المسلمين فلم يبادر إلى قتال المشركين إلا بعد سبعة أشهر من وصوله وبعد إستفحال تآمرهم ومكائدهم لصده عن تبليغ الدعوة وبدا يعقد الألوية ويعين القادة العسكريين وكان أول لواء عقده لعمه الحمزة تألف من ثلاثين رجلاً توجهوا لإعتراض قافلة تجارية يقودها أبو جهل وتوالى إرسال الوحدات العسكرية لممارسة الحرب النفسية والإقتصادية على قريش ويُعلي من هيبة وشوكة المسلمين فقاد بنفسه غزوته الأولى إلى منطقة الأبواء وبعدها غزوة بواط والعشيرة وعملياً كانت خطة الرسول (ص) التركيز في البداية على كسر شوكة قريش وتأجيل صراعه مع القوة الثانية الكبيرة في الجزيرة وهي اليهود وكانت لهم خصوصية أنهم كانوا جزء من المجتمع اليثربي فهادنهم على التعايش المشترك وعدم التعرض لهم والدفاع المشترك عن المدينة والإحتكام للرسول (ص) عند حصول أي شجار

- غزوة بدر

من خلال غزواته وغاراته المتتالية فرض نوعاً من الحصار الإقتصادي من خلال تهديد طرق المواصلات إلى مكة وكانت المواجهة الكبيرة الأولى عندما تواترت الأنباء عن مقدم قافلة لقريش يقودها أبو سفيان( ذكرت بعض المصادر أن هذه القافلة كانت تضم اموال مسلمي مكة التي صادرتها قريش ) فخرج رسول الله (ص) بنفسه بجيش قوامه ثلاثمائة مقاتل ونيف فإنحرف أبو سفيان عن الطريق وخرج جيش من مكة لنصرته وعند بدر إلتقى الجيشان وكان المشكرين يتفوقون عدة وعتاداً وكتب الله النصر للقلة المؤمنة وتطايرت رؤوس أساطين الشرك والضلال

- غزوة يهود بني قينقاع

أخذ يهود بني قينقاع بخلق الفتن والتحرش بالمسلمين وسعوا لزعزعة الإستقرار في المدينة فكان رد الرسول (ص) حازماً من خلال غزوة بني قينقاع التي إنتهت بإستسلامهم وخروجهم نهائياً من المدينة

- غزوة اُحد

بعد هزيمة قريش الكبرى في بدر أخذت تعد العدة للإنتقام من الرسول (ص) فجهزت جيشاً عرمرماً وتوجهت لقتال المسلمين فخرج النبي (ص) لملاقاتهم خارج المدينة وإلتقى الجيشان عند جبل احد ووضع الرسول (ص) خطته المحكمة وبدأت تباشير النصر تلوح للمسلمين فأغرت الغنائم بعضهم فتركوا مواقعهم فإستغل المشركين هذه الثغرة وباغتوا جيش المسلمين من الخلف وأعملوا فيه قتلاً ودبّت الفوضى فيه ففرّ من فرّ ولم يبقى مع الرسول (ص) سوى ثلة قليلة تدافع عنه وفي مقدمهم عليّ (ع) وكانت غزوة أحد درساً قاسياً للمسلمين كما كشفت عن بواطن البعض ومدى إيمانهم ويقينهم

- غزوة بني النضير

وجد بنو النضير في هزيمة المسلمين فرصة سانحة كي بنقضوا على المسلمين فغزاهم الرسول (ص) وبعد إستسلامهم أجلاهم عن المدينة وعمل فيهم بما عمل مع بني القينقاع

- غزوة الخندق – الأحزاب (بالأصح معركة الخندق)

في السنة الخامسة للهجرة تعرضت المدينة لهجوم كبير من قريش بجيش مؤلف من حوالي عشرة الآف مقاتل تحت راية أبي سفيان وترافق هذا مع تأمر يهود بني قريظة وكان جيش المسلمين يتألف من ثلاثة الآف مقاتل تحصنوا خلف خندق حفروه بمشورة من سلمان المحمدي بدأ هجوم المشركين بعبور ثلة منهم بقيادة عمرو بن ود العامري أحد صناديد العرب وطلب من المسلمين مبارزته وكرر عليهم النداء فلم يتجرأ أحد منهم على ذلك سوى علي (ع) الذي كان في كل مرة يندفع لمبارزته والرسول (ص) يجلسه وأخيراً برز له فقال الرسول (ص) :" برز الإيمان كله للشرك كله " فتبارزا الفارسين فضرب علي عمرو ضربة فقتله فقال الرسول (ص) :" ضربة علي يوم الخندق تعادل عمل الثقلين "

- غزوة بني قريظة

لقد تجلى الحقد اليهودي في معركة الخندق عبر خطتهم بنقل المعركة إلى داخل المدينة في الوقت الذي كان المسلمين يواجهوا فيه العدو الخارجي ولهذا وفور إنتهاء معركة الخندق عاجلهم الرسول (ص) وحاصرهم مدة خمس وعشرين يوماً إستسلموا بنتيجتها وتمت تصفية كل المحاربين منهم بقرار من سعد بن معاذ الذي إرتضوه حكماً فيهم

- هدنة او صلح الحديبية

شكلت معركة الخندق منعطفاً أساسياً في مسيرة الصراع كان الطرفين بحاجة لهدنة تلتقط فيها قريش أنفاسها ويتفرغ المسلمون فيها للتفرغ لقتال اليهود في الجزيرة والإنتهاء من خطرهم بشكل نهائي فعُقد صلح الحديبية الذي وافق فيه الطرفين على هدنة مدتها عشر سنوات للمسلمين الحرية فيها بتبليغ ونشر الإسلام بين القبائل العربية وخارج الجزيرة فكتب الرسول (ص) المكاتيب إلى قيصر ملك الروم وكسرى ملك فارس وإلى ملوك اليمن وعمان ودمشق والبحرين وغيرهم

- غزوة مؤته

لم يكن يغيب عن بال الرسول (ص) الخطر الخارجي المتمثل بالأمبراطوريتين الرومية والفارسية فكان لابد من مواجهة سريعة ومباغته لقطع الطريق على أي تنسيق بين الروم وكفار قريش واليهود ففي السنة الثامنة بعد أن قتل الروم رسل للنبي(ص) فجهز جيش لغزو الروم وإلتقى جيش الروم في منطقة مؤته وكان يفوق جيش المسلمين بأضعاف مضاعفة فدارت حرب طاحنة أستشهد فيها قادة جيش المسلمين زيد بن الحارثة وجعفر بن ابي طالب ولم يستطع المسلمين مواصلة القتال فرجعوا إلى المدينة

- غزوة حصون خيبر

كما ذكرنا سابقاً لقد كانت القوة الثانية التي تشكل خطراً على الإسلام في الجزيرة العربية اليهود فبالإضافة إلى الصراع العقائدي فإن اليهود كان دأبهم ومازال إثارة العصبيات والفتن بين العرب فكانوا كالسرطان في جسد الأمة لابد من إقتلاعه وكانت حصون خيبر تعتبر المعقل الرئيسي لهم فهاجمها جيش المسلمين في السنة السابعة للهجرة وحاصرها وتحصن اليهود بداخلها وفي البداية عجز المسلمين عن فتحها فكان يرسل الرسول الحملة تلو الحملة حتى قال الرسول :" لأعطين الراية غداً رجل يفتح الله على يديه " وكان علي (ع) أرمد فإستداعه الرسول (ص) ومسح بيديه الشريفتين على عينيه فبرأ وأعطاه الراية ففتح الله على يديه وإقتلع باب حصن خيبر وقتل مرحب أحد صناديد اليهود وبعد سقوط خيبر تهاوت معاقل اليهود في الجزيرة فإستسلمت فدك وكذلك سائر ملوك اليهود في الجزيرة

- فتح مكة

أخلت قريش بصلح الحديبية حينما أوعزت إلى بعض حلفائها بضرب بني خزاعة المتحالفين مع المسلمين فكانت الشرارة والحافز الذي دفع الرسول (ص) لإتخاذ قرار بفتح مكة فأعد جيش تألف من عشرة الآف مقاتل ووضع خطة حرص فيها على تجنب إراقة الدم ودخل المسلمون مكة سلمياً لو لا حادثة واحدة إستيقظت فيها جاهلية خالد بن الوليد فيها فرفع الرسول (ص) يداه إلى السماء وقال :" اللهم إني أبرأ مما فعل ...." و برحمته عفى عن بعض المشركين وقال إذهبوا فأنتم الطلقاء وبشقوط مكة سقط أقوى حصون المشركين وبعد دخول مكة عمد الرسول إلى تكسير أصنام قريش إيذاناً بإنتهاء عهد عبادة الأصنام

- معركة هوزان وحنين

بعد فتح مكة تحالف بني ثقيف وهوزان ضده فتوجه بجيش يقدر بإثني عشر ألف مقاتل وكانت المعركة في قمم جبال حنين وعند واديه حيث تحصن جيش هوزان وبعد قتال مرير كادت فيه الهزيمة أن تلحق بالمسلمين نتيجة إغترار البعض بعددهم كما يصف الله في كتابه

{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ }

ولكن الله شاء نصرة ثلة المؤمنين التي ثبتت ولم تولي الأدبار وأثر ذلك قصد الرسول (ص) الطائف وحاصرها حصاراً شديدا طلب أهلها الأمان بعده ودخلوا في الإسلام ولا بد هنا من الإشارة إلى حادثة خطيرة حصلت خلال غزوة حنين وهي تأمر البعض لقتل الرسول (ص) ونكتفي بالإشارة فقط لهذا

- غزوة تبوك

وصلت أنباء عن عزم الروم على غزو الأجزاء الشمالية للجزيرة العربية فخرج الرسول بجيش قوامه ثلاثين ألف سمي بجيش العسرة لشدة الحر وإستخلف علي (ع) على المدينة ووصل الجيش إلى تبوك فإنسحب جيش الروم قبل وصول المسلمين فقرر النبيّ عدم التوغل وعاد بجيشه إلى المدينة

- حجة الوداع وبيعة الغدير

فى اليوم الثامن عشرمن ذى الحجه وبعد إنتهاء مراسم الحج جمع الرسول الحجيج قبل ان يفترقوا فى وقع يدعى غدير خم فوقف خطيبا مبلغا آخر عهوده فقال: الستم تعلمون انى اولى بالمومنين من انفسهم؟ قالوا: بلى، قال: الستم تعلمون‏انى اولى بكل مومن من نفسه؟ قالوا: بلى، قال: فاخذ بيد على، فقال: من‏ كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من ولاه وعاد من عاداه قال: فلقيه عمر بعدذلك، فقال: هنيئا ياابن ابى طالب، اصبحت وامسيت مولى كل مؤمن‏ ومؤمنه [ أخرجه أحمد ابن حنبل]

وفي رواية أخرى عن زيد بن ارقم قال: لما رجع رسول اللّه عن حجه ‏الوداع ونزل غدير خم امر بدوحات فقممن ثم قال: كأنى دعيت فاجبت‏انى قد تركت فيكم الثقلين احدهما اكبر من الاخر كتاب اللّه وعترتى اهل بيتى فانظروا كيف‏ تخلفونى فيهما فانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض ثم قال: ان اللّه مولاى وانا ولى كل مومن ثم اخذ بيد على (ع) فقال: من كنت وليه فهذا وليه اللهم والي ‏من والاه وعاد من عاداه [ أخرجه النسائي] وبهذا كرس النبي (ص) خليفته والإمام من بعده

- جيش أسامة

بدأ الرسول (ص) قبيل وفاته بإعداد العدة لغزو الروم وتوجيه ضربة قوية لهم وعين على قيادة الجيش أسامة بن زيد وضم تحت رايته كبار الصحابة (خطوة لها مغزاها ) ولكن للأسف لم يمتثل هؤلاء أوامر الرسول (ص) حتى وصل بهم الأمر أن يطعنوا في تأمير النبي (ص) لأسامة عليهم وتقاعسوا عن الإلتحاق بجيشه ووصل الأمر أن يلعن النبي (ص) من يتخلف عنه وجاءت المأساة الكبرى بوفاة النبي (ص) فحالت دون إتمام هذه الحملة

- قبيل وفاة النبي (ص)

لما قَفَلَ النبي (ص راجعاً من مكة إلى المدينة المنورة بدأت صحته تنهار يوماً بعد يوم فقد أَلَمَّ به المرض وأصابته حُمّىً مبرحة وهرع المسلمون إلى عيادته وقد خَيَّم عليهم الأسى والذهول فازدحمت حجرته بهم فنعى ( ص) إليهم نفسه وأوصاهم بما يضمن لهم السعادة والنجاه قائلاً :" أيُّها الناس يوشك أن أُقبَضَ قَبضاً سريعاً فينطلق بي وقدمت إليكم القول معذرة إليكم أَلاَ إني مُخَلِّفٌ فيكم كتاب الله عزَّ وجلَّ وعترتي أهل بيتي ثم أخذ بيد علي(ع) قائلاً لهم :" هَذا عَلِيٌّ مَعَ القُرآن والقُرآنُ مَعَ عَلِيٍ لا يفترقان حتى يَرِدَا عَلَيَّ الحوض

- رَزِية يوم الخميس

لقد استَشفَّ الرسول (ص) من التحركات السياسية التي صدرت من بعض الصحابة كما في سَريَّة أُسَامة أنهم مجمعون على أمر ما فرأى أن يصون أمّته من الزيغ ويحميها من الفتن فقال:"اِئتُوني بالكَتفِ والدَوَاة أكتبُ لَكُم كِتاباً لَن تَضِلُّوا بَعدَهُ أَبَداً

فإشتدَّ الخلاف بين القوم فطائفة حاولت تنفيذ ما أمر به رسول الله (ص) وأخرى أصرّت على معارضتها خوفاً على فوات مصالحها حتى إنبرى عمر بن الخطاب فقال : إن النبي لَيَهجُر

فتناسى بقوله هذا مقام النبي (ص) الذي زكاه الله وعصمه من الهجر وتناسى قول الله تعالى {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُم وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدَيدُ القُوَى } وقوله تعالى { إِنَّهُ لَقَولُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي العَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ }.

فكان ابن عباس إذا ذُكر هذا الحادث الرهيب يبكي حتى تسيل دموعه على خديه ويقول : يوم الخميس وما يوم الخميس ؟!! .

فكانت رزية الإسلام الكبرى يوم حيل بين النبي (ص) وبين الكتاب العاصم للأمة من التشرذم والفرقة

وفاته (ص)

هبط جبرائيل على النبي (ص) فقال له يا احمد إن الله إشتاق إليك فاختار النبي (ص) جوار ربه فأذِن لملك الموت بقبض روحه العظيمة ولما علم أهل البيت ( ع)أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) سيفارقهم في هذه اللحظات خَفّوا إلى توديعه فجاء الحسن والحسين ( ع) وألقيا بأنفسهما عليه وهما يذرفان الدموع فكان النبي ((ص) يوسعهما تقبيلاً فعندها أراد أمير المؤمنين (ع) أن يُنَحِّيهِمَا فأبى النبي (ص) وقال له : دعهما يتمتعان مني وأتمتع منهما فستصيبهما بعدي إثرة ثم التفت إلى عواده فقال لهم : " قد خلفت فيكم كتاب الله وعترتي أهل بيتي فالمضيع لكتاب الله كالمضيع لسنتي والمضيع لسنتي كامضيع لعترتي إنهما لن يفترقا حَتى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ

ثم قال لعلي (ع) :" ضَعْ رأسي في حِجرِكَ فقد جَاءَكَ أمرُ الله فإِذا فاضت نَفسي فتناوَلْهَا وامسح بها وجهَك ثُمَّ وَجِّهْني إلى القبلة وَتَولَّ أمرِي وَصَلِّ عَلَيَّ أوَّل النَّاس وَلا تُفَارِقني حتى تُوَارينِي في رمسي وَاستَعِنْ بِاللهِ عَزَّ وَجلَّ فأخذ أمير المؤمنين رأس النبي (ص) فوضعه في حجره وَمَدَّ يَدَه اليمنى تحت حَنَكَه وقد شَرعَ مَلك الموت بقبض روحه الطاهرة حتى فاضَتْ روحُهُ الزكيَّة فَمَسحَ بِهَا الإِمَامُ علي (ع) وجهه ثم تَولَّى تجهيز النبي (ص) ولم يشاركه أحد فيه فقام (ع) في تغسيله وبعدما فرغ من غُسله أدَرجَهُ في أكفانه ووضعه على السرير فصلى عليه وبعد أن فرغ المسلمون من الصلاة على الجثمان العظيم قام الإمام علي ( ع) فوارى الجثمان المقدّس في مثواه الأخير ووقف على حافة القبر وهو يروي ترابه بماء عينيه كل هذا والقوم مشغولون في سقيفة بني ساعدة وكانت وفاته (ص) في 28 صفر سنة 11 هـجري فإنَّا لله وإنّا إليه راجعون

أسألكم الدعاء

كفعمي العاملي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق