الاثنين، 20 فبراير 2012

الوهابية وجذورها


الوهابية وجذروها
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلَّ على محمد وآل محمد
من يقرأ أمهات كتب الوهابية العقائدية المعتبرة والموثوقة عندهم يلاحظ حرصهم الشديد على تكفير أمة محمد (ص) حرصاً يبلغ حد الشهوة والإنتقام فمبدأهم الديني والإجتماعي والسياسي هو إما أن تكون وهابياً وإما القتل لك والنهب لأموالك والسبي لذراريك ولا يخامره شك أن هدفهم النهائي القضاء وإبادة المسلمين قاطبة فضلاً عن الناس جميعاً وأنّه لا يروي عطشهم إلا هذه السياسة الجهنمية ولا يظننّ أحد أن في كلامي هذا أي مبالغة فإذا أخذنا كتاب مثل كتاب رسالة كشف الشبهات للمدعو محمد بن عبد الوهاب نراه قد أطلق على عامة المسلمين عبارات مثل الشرك والمشركين والكفر والكفار وعباد الأصنام والمرتدين وأهل الباطل والمنافقين وجاحدي التوحيد ومدعي الإسلام وأهل الباطل والذين في قلوبهم زيغ والجهال والجهلة والشياطين لا بل قال إن جهال الكفار عبدة الأصنام أعلم منهم وإن إبليس إمامهم إلى غير ذلك من الألفاظ الشنيعة فيما يزيد عن 39 موضعاً ( راجع من ص 57 إلى ص 72 ) تجد منها الكثير وإذا إنتقلنا إلى  كتاب تطهير الإعتقاد لمحمد بن إسماعيل الصنعاني تروا أنه أطلق اسم الشرك فيما يزيد عن ثلاثين موضعاً وأضاف عبارات أخرى مثل أصحاب مسيلمة والسبئية واليهود والخوارج إلى آخر القائمة التي نضح بها إنائهم وهذا التحريض والحقد وجد طريقه إلى التطبيق بمجازر فظيعة إرتكبها الوهابيون بحق المسلمين قاطبة مما يجعل ما إرتكبه اليهود نقطة في بحر دم وفساد الوهابية وسنذكر بعض من هذه المجازر في موضوع آخر وسنأتي على ذكر المزيد في موضوع جديد وسنكتفي هنا بتبيان جذور الوهابية
بداية نقول أن الوهابيون تعود جذروهم إلى  أولئك الذين ظهروا في القرن الرابع الهجري وكانوا يمثلون شريحة من الحنابلة وزعموا أن جملة آرائهم تنتهي إلى الإمام أحمد بن حنبل الذي أحيى عقيدة السلف  ثم تجدد ظهورهم في القرن السابع الهجري أحياه شيخ الضلالة ابن تيمية وشدد في الدعوة إليه وأضاف إليها أموراً أخرى ثم ظهرت تلك الآراء في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر الهجري أحياها محمد بن عبد الوهاب النجدي ولكن للدقة نقول أن جذروهم تعود إلى حشوية القرن الثاني والحشوية أو أهل الحشو هو لقب تحقير اطلق على اولئك الفريق من أصحاب الحديث الذين اعتقدوا بصحة الأحاديث المسرفة في التجسيم من غير نقد
وبشكل عام أهم عناصر المذهب الحشوي هي :
1
- الإعتماد على النص وحده طريقاً إلى المعرفة الإعتقادية خاصة والدينية بصفة عامة ورفض العقل وأدلته
2
-  سوء فهم للنصوص الدينية نفسها والنزوع إلى الفهم الحرفي لها مما يؤدي إلى التجسيم وتشبيه صفات المخلوقات والأشياء المادية الجسمية إلى الله سبحانه
ولابد هنا من تسجيل ملاحظة مهمة وهي أن من أهم الأسباب التي أدت إلى هذا هو منع تدوين الحديث وإنتشاره فيما بعد وكثرته على أيدي التابعين في العصر الأموي والذين شجعوا على روايات الجبر والتشبيه والتجسيم وغيرها من قبل علماء من أهل الكتاب أمثال كعب الأحبار ووهب بن منبه اعلنوا إسلامهم وعمدوا إلى نقل معتقداتهم وتلقفها بسطاء الرواة على أنها عقائد الإسلام ومن أبرز هؤلاء في القرن الثاني الهجري والذين هم أوائل الحشوية الرواة مضر بن محمد بن خالد بن الوليد وأبو محمد الضبي الأسدي وكهمس بن الحسن واحمد بن عطاء الهجمي ورقبة بن مصقلة وقد مثل هؤلاء الحشو الهائل في أحاديثهم الضعيفة فأجازوا على الله الملامسة والمصافحة وأن المخلصين من المسلمين يعاينونه في الدنيا والآخرة إذا بلغوا من الرياضة والإجتهاد إلى حد الإخلاص وفسروا آيات الوجه والرؤية واليد والمجيء تفسيراً ظاهرياً مادياً ومن عقائد الحشوية القول بقدم القرآن وأنه قديم وأزلي وهذه تسربت من اليهود الذين يقولون بقدم التوراة والنصارى الذين قالوا بقدم الكلمة وخالفهم في هذا القول المعتزلة والأشاعرة والماتريدية والإمامية ومن أبرز من جمع عقائد الحشوية في القرن الثالث الهجري المفسر مقاتل بن سليمان الذي ملأ تفسيره حشواً من الإسرائيليات والمحدث مجاهد بن جبر صاحب حديث المقام المحمود الذي أجلسوا فيه النبي (ص) مع ربه على العرش سبحانه وتعالى عما يصفون وجاء بعدهم كل من أبي عاصم حشيش بن صرم صاحب كتاب (الإستقامة) والملطي صاحب كتاب ( التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع ) أما في القرن الرابع فسيظهر تيار حشوي حنبلي كبير على يد شيخ حنابلة بغداد البربهاري الذي كفّر كل من خالفه في عقائد التشبيه والتجسيم ومن أنكر حديث المقام المحمود السالف الذكر وتفرق الحنبلية الحشوية إلى فرق أخرى مثل السالمية والكرامية يزايدون على بعض في الغلو بهذه العقائد المنحرفة ومنها ما حاولت الكرامية الرمي إليه وهو عدم إسباغ القداسة على الرسول في قبره وعدم شد الرحال إليه وإنتهاء عمله بتأديته لرسالته وموته (ص) وسيأتي أبن تيمية في القرن السابع ليجمع كل هذه المتناقضات والآراء المختلفة ليصبه في قالب واحد ويحاول عقلنته وتسميته ب(مذهب أهل الحق من السلف والخلف) وتبعه في ذلك تلميذه إبن القيم الجوزية ولكنه لم يستطيع النهوض به أمام الهجمة التي شنها علماء أهل السنة عليه حتى ظهر قي القرن الثاني عشر هجري وحمل راية الدعوة إلى ذلك بالسيف محمد بن عبد الوهاب النجدي
فإذاً بعد هذا السرد التاريخي المختصر نخلص إلى حقيقة مفادها أن الفرقة الوهابية المعاصرة هي تيار حشوي له جذور عميقة في التاريخ وإنه مذهب إنتقائي ترجع أغلب آرائه في العقائد إلى الأسرائيليات التي حشا بها الرواة من الأعراب ومتأسلمة اليهود والنصارى أحاديث النبي (ص) ولا يظنن أحد أن مصطلح (الحشوية الحنبلية ) هو من مبتكرات هذا العصر إنما ورد في كثير من كتب التاريخ وكان يُقصد به سلف (السلفية الوهابية المعاصرة)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق