الاثنين، 27 فبراير 2012

الحرية بين الإستقلال والتبعية



· الحرية بين الإستقلال والتبعية

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
من المسائل التي يكثر الحديث عنها في أيامنا هذه هي مسألة الحرية فأضحى البحث فيها ضروري وبالأخص على ضوء الدعايات المكثفة والتحريفات المركزة حول هذا المفهوم الهام جداً
من البديهي ان مقصودنا من الحرية ليس الحرية المطلقة فلا اعتقد انه يوجد في العالم إنسان سوي وعاقل يقول بها
فلا أحد يوافق على إعطاء شخص ما حرية قتل من يشاء او الإساءة لمن يريد او فعل ما يشاء
عندها سيتحول العالم لغابة تعمها الفوضى بل المقصود هو الحرية الإجتماعية التي هي بمثابة حق إنساني في التفكير والقول والإختيار وما إلى ذلك
والأمر الآخر اننا عندما نتعرض لمفهوم الحرية فعلينا عدم فصله عن مفهوم الإستقلال أي ان لا نفكر بتقليد وتبعية فلو قلدنا الآخرين في هذه المسألة التي نبني على اساسها الكثير من مسائلنا وتطورنا
نكون قد ارتكبنا خطأ كبير وهو الوقوع فيما نحاول الفرار منه
قال الله تعالى {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ
وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
نلاحظ في هذه الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى ذكر أن من خصوصيات إتباع النبي (ص) أنه يرفع الغل والقيود عن أعناق البشر أي انه يرفع هذه الإلتزمات والتعهدات المفروضة على المجتمعات من قبيل القيود الإجتماعية الخاطئة التي تتجلى بالأعراف والتقاليد الباطلة والخرافية وقد اطلق الله عليها عبارة (( إصرهم والأغلال )) أي انها تمنعهم وتحول بينهم وبين حرية الحركة وتفتح الطاقات والإستعدادت الكامنة في البشر
قال أمير المؤمنين (ع) :" لا تكن عبد غيرك وقد خلقك الله حراً "
في هذه الدّرة الوجيزة تكمن خصوصية الحرية وهي تشير إلى مسألة هامة وهي ان الحرية مسألة فطرية أودعها الله في الإنسان فمن خلال هذا ندرك أن الإسلام ذهب ابعد بكثير من كل المذاهب الفكرية
فالحد الأقصى التي بلغته هذه الأفكار هي أن منشأ وفلسفة الحرية أنها حق إنساني أو تحدثوا عن الخير العام او اللذة العامة والفردية وغيرها
كل هذه النظريات من أجل الإجابة على سوأل لماذا يجب أن يكون البشر أحراراً ؟؟؟
والجدل حول هذا مازال مستمراً في حين أن الإسلام اعتبر الحرية أمراً فطرياً لدى الإنسان صحيح أنه حق لكنه أسمى من سائر الحقوق كحق الحياة
فكما أن حق الحياة اسمى من حق السكن مثلاً كذلك هي الحرية في رأي الإسلام
الغرب الليبرالي يعتبر حرية الإنسان مجردة عن حقائق إسمها الدين والله لهذا فإنه لا يعتبر الحرية عطاء رباني وهو يبحث وما زال عن اسس فلسفية للحرية
البعض في مجتمعنا عندما يطرح مفهوم الحرية يعتبرونه هادم للدين هؤلاء بالحقيقة لا يختلفون عن أولئك الذين يسوقون للنظريات الغربية الفاسدة حول مفهوم الحرية ويقلدون الغرب
إن الدين هو أكبر داعية للحرية ويعتبر أن الحرية الحقيقية والمعقولة والمضبوطة هي افضل ما يُقدم لمجتمعاتنا ففي ظل الحرية تنمو الثقافات وتتفتح الطاقات
وفي ظل الإستبداد ينكمش الإستعداد وتخبو الطاقات وهذا ما يرفضه الإسلام فالطاقات الإنسانية يجب أن تُستخرج مثلما تُستخرج الطاقات الطبيعية ليتم إعمار الأرض ومن عليها
ومن أكبر المصائب التي نعيشها في بلداننا الإسلامية والعربية على الأخص هو هذا الإستبداد المُسلط على شعوبنا والذي يخنق الحريات ويخمد كل الطاقات والإستعددات الفطرية في الإنسان
هذا الإستبداد الذي يفتخر كل يوم ببناء الحجر وفي المقابل يقتل الإنسان داخل الإنسان في حين أن الفكر الإسلامي لا ينظر فقط لمسألة الحرية بل يعتبر أن المطالبة بالحرية تكليف شرعي
لأنه نضال من أجل أمر إلهي فمثلما يقضي الواجب أن نساعد شخصاً يتعرض للموت او فقيراً لا يجد طعاماً
هكذا الحرية من الواجب إنتزاعها والحصول عليها فأي شكل من أشكال العبودية لا يكون إلا لله من هنا ندرك عظمة كلمة أمير المؤمنين (ع)
" لا تكن عبد غيرك وقد خلقك الله حراً "
لهذا نجد أن مفهوم الحرية في الإسلام يتوسع ليشمل التحرر من كل شيء سوى الله التحرر من الإنسان الآخر ومن المال ومن الغرائز والشهوات
وليس كما يذهب الغرب التحرر من الله والدين والقيم والتحول إلى عبد للشهوات والمال والدنيا
أو الحرية التي تبيح الإعتداء على الأخرين ومعتقداتهم ومقداساتهم أو تلك التي تشّرع قتل الأطفال والنساء ثم الإعتذار بحجج واهية
والحمد لله رب العالمين
نسألكم الدعاء
كفعمي العاملي 







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق