الثلاثاء، 22 يناير 2013

الشيخ محمد بن محمد النعمان المشهور بالشيخ المفيد





بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد

إن ذاكرة التاريخ تحفل برجال ليس من السهل المرور على أسماءهم من دون توقف لما تحمله شخصياتهم من فاعلية وحضور على المسار التاريخي فكانوا الغائبين الحاضرين في ذاكرة التاريخ والأجيال بل أن تكّون التاريخ وحضوره في ذاكرتنا وتشكله في أذهاننا ينسب الكثير منه إلى هؤلاء الرجال فكانوا أحد المساهمين المهمين في تشكيل وعينا المعاصر بالنسبة للفقه والكلام والتاريخ والفلسفة وغيرها ومن أحد عمالقة هؤلاء الرجال الشيخ المفيد

* بطاقة تعريف
- الأسم : محمد بن محمد النعمان
- الأب والأجداد : محمد بن النعمان بن عبد السلام بن جابر بن النعمان بن سعيد بن جبير بن وهب بن زياد ابن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب بن غلّة بن خالد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن غريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان
- الولادة : 11 ذي القعدة سنة 336 هجري وعلى رواية 333 أو 338 هجري بعكبرى من أعمال الدجيل بالعراق وقيل بقرية تدعى سويقة ابن البصرى تتفرع عن عُكبرى شمالي بغداد
-
الوفاة : 3 رمضان 413 هجري ببغداد وصلى عليه الشريف المرتضى ابو القاسم علي بن الحسين بميدان الاشنان وهو الميدان الرئيسي بكرخ بغداد وضاق على الناس مع كبره وقيل شيّعه ثمانون ألف ودفن في داره سنين ونقل إلى مقابر قريش بالقرب من الإمام أبي جعفر الجواد عليه السلام مما يلي الرجلين إلى جانب قبر شيخه أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه وتوفي عن عمر 74 أو 75 أو 77سنة
-
الكنية : ابو عبد الله
-
الالقاب :بعضها نسبي وبعضها سكني وبعضها علمي والمشهور منها : المفيد - العكبري - البغدادي - الحارثي - ابن المعلم لأن اباه كان معلماً في واسط

* نشأته وسيرته العلمية

ينقل صاحب الأعيان أن الشيخ المفيد ترعرع في كنف والده الذي لم نعرف من أخباره سوى كونه معلماً بواسط ولذلك كان يكنى ولده بابن المعلم وما أن تجاوز المفيد سني الطفولة وأتقن مبادئ القراءة والكتابة حتى انحدر به أبوه وهو صبي إلى بغداد حاضرة العلم ومهوى أفئدة المتعلمين فسارع إلى حضور مجلس درس الشيخ أبي عبد الله الحسين بن علي المعروف بالجعل بمنزله بدرب رباح ثم قرأ على أبي ياسر غلام أبي الجيش بباب خراسان وفي أثناء قراءته على أبي ياسر اقترح عليه أستاذه هذا أن يكثر التردد على مجلس المتكلم الشهيد علي بن عيسى الرماني المعتزلي ففعل ويحدثنا المفيد في زيارته الأولى للرماني فيقول:دخلت عليه والمجلس غاص بأهله وقعدت حيث انتهى بي المجلس فلما خف الناس قربت منه فدخل عليه داخل وطال الحديث بينهما فقال الرجل لعلي بن عيسى ما تقول في يوم الغدير والغار فقال أما خبر الغار فدراية وأما خبر الغدير فرواية والدراية لا توجب ما توجبه الرواية وانصرف فقلت أيها الشيخ مسألة فقال هات مسألتك فقلت ما تقول في من قاتل الإمام العادل قال يكون كافراً ثم استدرك فقال فاسق فقلت ما تقول في أمير المؤمنين علي أبي طالب (ع) قال: إمام فقلت ما تقول في يوم الجمل وطلحة والزبير فقال تابا فقلت أما خبر الجمل فدراية وأما خبر التوبة فرواية فقال كنت حاضراً وقد سألني البصري فقلت نعم رواية برواية ودراية بدراية فقال بمن تعرف فقلت اعرف بابن المعلم واقرأ على الشيخ أبي عبد الله الجعل فقال موضعك ودخل منزله وخرج ومعه ورقة قد كتبها والصقها فقال لي أوصل هذه الرقعة إلى أبي عبد الله فجئت بها إليه فقرأها ولم يزل يضحك بينه وبين نفسه ثم قال:ايش جرى لك في مجلسه فقد وصاني بك ولقّبك المفيد فذكرت المجلس بقصته وهكذا بدأ هذا الصبي الطموح بتسلق سُلّم العلم والمعرفة ويزاحم بركبتيه الصغيرتين محافل العلماء وعمالقة العقول في عصره ليصبح رمزاً من رموز العلماء الذين تميزوا ببصماتهم العلمية على التراث الإسلامي

* عصر الشيخ المفيد

لقد عاش الشيخ المفيد ابان قيام الدولة البويهية بعد انكماش الدولة العباسية وحاول أن يعمل بكل ما يمتلك من قوة في كسب الاطراف السياسية بجانبه لصالح المذهب الاثنى عشري وعندما تولى بنو بويه شؤون السلطة في بغداد حظي هذا الشيخ بسبب تشيع بني بويه بما لم يحظ به غيره من امثاله من ضروب الاعزاز والتقدير والجلالة العظيمة في الدولة البويهية فكانت له صولة عظيمة بسبب عضد الدولة كما كانت له وجاهة عند ملوك الاطراف لميل كثير من أهل ذلك الزمان إلى التشيع وبلغ من احترام عضد الدولة له انه كان يزوره في داره ويعوده اذا مرض وعلى الرغم من كل هذه الوجاهة والجلالة فقد اضطرت السلطات الحاكمة قمعاً للفتن الطائفية والاضطرابات المذهبية إلى نفيه مرتين إلى خارج بغداد حيث بعث بهاء الدولة عميد الجيوش أبا علي بن أستاذ هرمز إلى العراق ليدبر امره فوصل إلى بغداد فزينت له وقمع المفسدين ومنع السنة والشيعة من إظهار مذاهبهم ونفى بعد ذلك ابن المعلم فقيه الإمامية فاستقام البلد ونفي الشيخ المفيد من قبل الدولة في سنة 398هـ كما يذكره صاحب الأعيان السيد حسن الأمين وكان السبب أن بعض أهل البصرة قصد أبا عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المعروف بابن المعلم وكان فقيه الشيعة في مسجده بدرب رباح وتعرض به تعرّض امتعض منه أصحابه فثاروا واستنفروا أهل الكرخ ونشأت من ذلك فتنة عظيمة وبلغ ذلك الخليفة فانفذ الخول الذين على بابه لمعاونة أهل السنة فبلغ الخبر إلى عميد الجيوش فسار ودخل بغداد فراسل أبا عبد الله ابن المعلم فقيه الشيعة بان يخرج عن البلد ولا يساكنه ووكل به فخرج في ليلة الأحد لسبع بقين من رمضان فسأل علي بن مزيد في ابن المعلم فُرّد وكان الشيخ المفيد ذا مكانة مرموقة بين العلماء وذا دور بارز في المجامع العلمية وكانت شخصيته وشهرته وصلت إلى المخالف والمؤالف بحيث قلما تجد من لم يذكره من المؤرخين والمترجمين وساق لفيف من المؤرخين خلال الترجمة كلمات الاطراء وجمل الثناء بما لا مزيد عليه وانساق لفيف آخر منهم من وحي عواطفهم فاندفعت اقلامهم نحو الطعن والشتم والتشهير ووصف المؤرخون حياته الخاصة وصفاته الشخصية فذكروا من جملة ما ذكروا منه كان شيخاً ربعة نحيفاً اسمر كثير الصدقات عظيم الخشوع كثير الصلاة والصوم حسن اللباس كثير التقشف والتخشع والاكباب على طلب العلم وكان لا ينام من الليل إلا هجعة ثم يقوم يصلي أو يطالع أو يتلو القرآن لقد كان الشيخ المفيد من علماء القرن الثالث الهجري مع بضع سنوات من القرن الرابع الهجري وحيث كانت أوضاع المسلمين في ذلك الوقت تمر في انتكاسات وفتن ومشاكل سياسية واجتماعية كان موقف الشيخ المفيد إزاء هذه التطورات موقف المدافع عن حريم الإسلام ومفاهيمه وقيمه وكان معروفاً بحنكته على المناظرة فكان خبيراً بالكلام دقيقاً في مسائله قوياً ببرهانه فكان حرياً من العلماء أن يشيدوا به في مصنفاتهم

* أقوال العلماء فيه

-
قال أبو بكر الباقلاني بعد مناظرة بينهما بعدما أفحمه الشيخ : إن لك من كل قِدْر غرفة
-
قال النجاشي : شيخنا واستاذنا رضي الله عنه وفضله اشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية والثقة والعلم
-
قال العلامة الحلي: من أجلّ مشايخ الشيعة ورئيسهم واستاذهم وكل من تأخر عنه استفاد منه وفضله اشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية اوثق أهل زمانه واعلمهم انتهت رئاسة الامامية إليه في وقته وكان حسن الخاطر دقيق الفطنة حاضر الجواب له قريب من مائتي مصنف كبار وصغار
-
قال الشيخ الطوسي : انتهت رئاسة الإمامية في وقته إليه في العلم وكان مقدماً في صناعة الكلام وكان فقيهاً متقدماً في حسن الخاطر
-
قال أبو حيان التوحيدي : أما ابن المعلم فحسن اللسان والجدل صبور على الخصم كثير الحيلة ضنين السر جميل العلانية
-
قال الخطيب البغدادي المعروف بعدائه للامامية :شيخ الرافضة والمتعلم على مذهبهم وصنف كتباً كثيرة
-
قال ابن حجر العسقلاني في وصفه: كان كثير التقشف والتخشع والاكباب على العلم وبرع في مقالات الإمامية حتى كان يقال له على كل امامي منة
-
قال ابن ثغري: فقيه الشيعة وشيخ الرافضة عالمها ومصنف الكتب في مذهبها
-
قال اليافعي فذكر في مرآة الجنان: صاحب التصانيف الكثيرة شيخهم المعروف بالمفيد وبابن المعلم البارع في الكلام والفقه والجدل وكان يناظر كل عقيدة بالجلالة والعظمة ومقدماً في الدولة البويهية
-
قال ابن طي: كان كثير الصدقات عظيم الخشوع كثير الصلاة حسن اللباس وكان عضد الدولة ربما زار الشيخ المفيد وكان شيخاً ربعة نحيفاً اسمر
وذكر ابن النديم في الفهرست: ابن المعلم أبو عبد الله في عصرنا انتهت إليه رئاسة متكلمي الشيعة مقدم في صناعة الكلام على مذهب أصحابه دقيق الفطنة ماضي الخاطر شاهدته فرأيته بارعاً وكان ابن النديم قد شاهَدَه في منتصف عمره ولم يكن الشيخ قد ألَّف كل ما ألَّف بعد .
-
قال السيد مهدي بحر العلوم :هو شيخ المشايخ الأجلة ورئيس رؤساء الملة اتفق الجميع على علمه وفضله وعدالته وثقته وجلالته
-
قال السيد هبة الشهرستاني: هو نابغة العراق ونادرة الآفاق غرة المصلحين واستاذ المحققين ركن النهضة العلمية في المائة الرابعة الهجرية آية الله في العوالم معلم الأعاظم وابن المعلم
-
قال الشيخ عباس القُمِّي : هو شيخ مشايخ الإمامية رئيس الكلام والفقه والجدَل وكان يُناظر أهلَ كلِّ عقيدة
-
قال ابن كثير: إنّه كان يُناظر أهلَ كلِّ عقيدة بالجلالة والعظمة وكان يحضر مجلسَه خَلق كثير من العلماء من جميع الطوائف والمِلل .

*مناظراته :
للشيخ المفيد مناظرات رائعة ومحاورات جيّدة شيّقة أفرد لها الشريف المرتضى وهو تلميذه كتاباً ذكر فيه أكثرها ومن جملتها ما أشار إليه العلاَّمة الحلّي كما ذكرها ابن إدريس في أواخر كتابه السرائر وله محاججات مع علي بن عيسى الرمَّاني انسحب فيها الرماني ودخل منزله ومع القاضي عبد الجبّار كبير المعتزلة حتّى أسكَتَه فلم يكن منه إلاّ أن قال له : أنتَ المفيدُ حَقّاً فلمَّا همهم بعض المخالفين للشيخ قال القاضي لهم : هذا الشيخ أسكَتَني فإن كان عندكم جواب فقولوا حتَّى أُجلسه في مجلسه الأوّل فسكتوا وتفرّقوا فوصل خبر المناظرة إلى عضد الدولة فأرسل إلى الشيخ المفيد وأكرمه غاية الإكرام .

* مشايخه
روى الشيخ المفيد عن عدد كبير من مشايخ الحديث في كتبه المشهور منهم حوالي 61 شيخ من اجلاء مشايخ الحديث ففي الأمالي مثلاً روى عن 36 شيخ ولا يتسع المجال لذكرهم جميعاً فمن أبرزهم :
-
احمد بن محمد بن الحسن بن الوليد القمي
-
جعفر بن محمد بن قولويه ابو القاسم صاحب كتاب كامل الزيارات
-
عمر بن محمد بن علي الصيرفي المعروف بلإبن الزيات
-
محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ابو جعفر الصدوق
-
محمد بن احمد بن الجنيد الكاتب الإسكافي أبو علي

* تلامذته المبرزين-
 الشريف الرضي محمد بن الحسين المتوفى سنة406هـجري
-
الشريف المرتضى علي بن الحسين المتوفى سنة 436هـجري
-
ابو يعلى سلار بن عبد العزيز الديلمي المتوفى سنة 448هـجري
-
ابو الفتح الفقيه القاضي محمد بن علي الكراجكي المتوفى سنة 449هـجري
-
الشيخ الجليل أبو العباس احمد بن علي النجاشي المتوفى سنة 450هـجري
-
شيخ الطائفة الشيخ الطوسي محمد بن الحسن المتوفى سنة460هجري
-
ابو يعلى محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري صهره المتوفى سنة 463هـجري
-
جعفر بن محمد بن احمد بن العباس الدوريستي الثقة العين
-
أبو محمد بن محمد الفارسي
-
ابو الفوارس بن علي بن محمد الفارسي
-
الشريف ابو الوفاء المحمدي الموصلي
-
ابو الحسن علي بن محمد بن عبد الرحمن الفارسي
-
احمد بن علي بن قدامة الفاضل الفقيه
-
الشيخ الثقة ابو الفرج المظفر بن علي بن الحسين الحمداني
وكثيرين غيرهم

*
مصنفاته
كان الشيخ المفيد كثير التصنيف حتى أن صاحب نقد الرجال يقول: كان فقيهاً متقدماً فيه حسن الخاطر دقيق الفطنة حاضر الجواب قريب من مأتي مصنف كبار وصغار
ونحن نورد بعض المصنفات الكثيرة التي ذكرها صاحب اعيان الشيعة والتي تجاوزت الـ194 مصنفاً في الفقه والكلام والتاريخ والتفسير والحديث وغيرها
1 -
الغيبة
2 -
الاختصاص .
3 -
مسألة في إرادة الله .
4 -
المسائل الصاغاتية .
5 -
التذكرة بأصول الفقه .
6 -
الإرشاد .
7 -
أوائل المقالات .
8 -
رسالة في إيمان أبي طالب .
9 -
تصحيح الاعتقاد .
10 -
تفضيل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
11 -
الحكايات .
12 -
رسالة حول حديث ( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ) .
13 -
رسالة حول خبر مارية .
14 -
رسالة في معنى المولى .
15 -
رسالة في شرح المنام .
16 -
عدم سهو النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
17 -
الفصول المختارة .
18 -
مسألتان في النص على علي ( عليه السلام ) .
19 -
النكت الاعتقادية .
20 -
رسالة في المسح على الأرجل .
21 -
مسار الشيعة في مختصر تواريخ الشريعة .
22 -
المقنعة .
23 -
العويص في الفقه .
24 -
خلاصة الإيجاز في المتعة .
25 -
الإعلام .
26 -
الإشراف .
27 -
روايات في فضل المتعة .
28 -
جوابات ‏أهل ‏الموصل في العدد والرؤية .
29 -
الإفصاح في الإمامة .
30 -
رسالة في أقسام المولى .
31-
الإيضاح في الإمامة
32-
العيون والمحاسن
33-
نقض المروانية
34-
نقض فضيلة المعتزلة
35-
المسائل العشر في الغيبة
36-
نكاح الكتابيات
37-
أصول الفقه
38-
وقعة الجمل
39-
النكت في مقدمات الأصول
40-
إيمان أبي طالب
41-
مسائل أهل الخلاف
42-
أحكام النساء
43-
رسالة إلى أهل التقليد
44-
الكلام في الإنسان
45-
وجوه إعجاز القرآن
46-
الكلام في المعدوم
47-
في فضل القرآن
48-
نقض الإمامة على ابن جعفر ابن حرب
49-
جوابات الفيلسوف في الأشرار
50-
البيان في تأليف القرآن
51-
الكلام في الخبر المختلف بغير اثر
52-
مسائل الزيدية
53-
تفضيل الأئمة على الملائكة
54-
حدوث القرآن
55-
الجوابات في خروج المهدي
56-
الرد على الشعبي
57-
مسألة في ما روته العامة
58-
مسألة في القياس مختصر
59-
مسألة اني مخلف فيكم الثقلين
60-
جوابات ابن الحمامي
61-
مسألة في معرفة النبي بالكتابة
62-
دلائل القرآن
63-
مسألة في المعراج
64-
مسألة في انشقاق القمر
65-
مسألة في رجوع الشمس وعشرات غيرها من كل علم وفن ومسألة

نسألكم الدعاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق