الثلاثاء، 22 يناير 2013

الشيخ محمد تقي بهجت





الشيخ محمد محمود تقي بهجت 
( العالم الرباني وأحد مراجع التقليد في إيران اليوم )
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلَّ على محمد وآل محمد
·      مولده وموطنه
ولد الشيخ محمد تقي بهجت اواخر سنة 1334 هجري في عائلة متدينة في مدينة فومن التابعة لمقاطعة غيلان في شمال إيران وكان والده المدعو محمود الكربلائي (لقب يطلق عند الإيرانيين على من وفق لزيارة كربلاء ) من أهل التقى والأدب والثقة ومرجع العامة في حل مشاكلهم وممن تُزكى به السندات والمعاملات وله شعر في مراثي أهل البيت مملوء حرارة ومتداول على ألسن القراء إلى اليوم
·      نبذة عن سيرته الذاتية
1-            سيرته العلمية
أنهى الشيخ بهجت دراسته الإبتدائية في كتاتيب فومن وتجلت فيه منذ الطفولة ملامح النبوغ وحب التحصيل ورجاحة العقل فهاجر فومن سنة 1348 هجري وتوقف فترة في مدينة قم المقدسة ثم يمم شطر العراق ليقيم حوالي أربع سنوات في كربلاء المقدسة يستفيد خلالها من كبار الأساتذة كالشيخ أبي القاسم الخوئي وإنتقل بعدها سنة 1352 هجري إلى النجف الأشرف حيث أنهى هناك المراحل الأخيرة من السطوح وانتقل إلى مرحلة الخارج متتلمذاً على المحقق ضياء الدين العراقي والميرزا النائيني والمحقق الشيخ محمد حسين الأصفهاني وعند الأخير تميز الشيخ بهجت بالنقاش الدقيق والإيراد الناضج وفي أثناء دراسته كان الشيخ من الطلاب المعروفين في العرفان للعارف السيد علي القاضي التبريزي الذي تغني شهرته عن بيان أحواله وكان الشيخ بهجت واجداً لحالات ومكاشفات غيبية إلهية وكان حائزاً للحد الأعلى من مراتب المراقبة والصمت وعدا عن دراسته الفقه  والأصول والعرفان فقد قام في مجال الفلسفة والمنطق بتحصيل كتاب الإشارات والأسفار الأربعة عند المرحوم السيد حسين باد كويه ثم عاد الشيخ بهجت عام 1364 هجري إلى إيران وبعد توقف عدة شهور في موطنه فومن توجه إلى مدينة قم المقدسة لزيارة السيدة المعصومة (ع) والإطلاع على أوضاع الحوزة فيها مصمماً على العودة إلى النجف الأشرف ولكنه صرف النظر عن ذلك بعدما تواردت إليه أخبار إرتحال كبارة أساتذة الحوزة في النجف الأشرف فشرع بالتدريس إلى جانب الإستفادة في التحصيل من آية الله الحجة الكوهكمري والمشاركة في بحث آية الله البروجردي الذي كان يحضره كبار العلماء أمثال السيد الخميني والكلبايكاني وقد مضى على الشيخ في قم حوالي 50 سنة يدرس فيها البحث الخارج ويتميز درسه في الأصول بالإيجاز والعمق ودقة التحقيق أما في الفقه فيعتمد سهولة السلوب والوضوح في البيان
2-            عبادته وسيره العرفاني
عُرف الشيخ بهجت منذ طفولته بالإقبال على العبادة والإستغراق في ذكر الله ولقد قيد الله له اساتذة اكتشفوا قابلياته وطهارته الذاتية وأهمهم استاذ السلوك الشهير السيد على القاضي الطباطبائي ويتحدث المطلعون على أحوال الشيخ عن مواظبته التامة وإقباله على النوافل وإحياء الليالي بالعبادة وتردده على المساجد والمقامات عندما كان في العراق كمسجد السهلة وغيره ويرتبط الشيخ بزيارة يومية إلى حرم السيدة فاطمة المعصومة يقضي خلالها فترة من التوسل والدعاء والتلاوة والصلاة مع المواظبة على زيارة يومية للإمام الحسين عليه السلام بزيارة عاشوراء المعروفة وتتميز صلاة الجماعة التي يؤمها الشيخ في قم بأجواء من الخشوع التي تفرضها قرائته وحالاته في الصلاة فيضج المسجد بالبكاء والتضرع تأثراً بحالة الإنقطاع والخشوع التي تتصف بها صلاة إمامهم ويحضر هذه الصلاة فضلاء الحوزة وعوام الناس فيزدحم المسجد حتى أنك لا تجد موطء قدم
أما الجانب العرفاني فهو العنوان الأبرز في شخصية الشيخ فيروى أنه كان منذ الصغر وقبل أن يتتلمذ على السيد علي القاضي يأتم في صلاته برجل كبير في السن معروف بالطهارة والإستقامة إسمه السيد سعيدي ويكفي أن الشيخ ممن تسالمت عليه شهادات العلماء وأهل الخبرة في حقه التي تنبىء كلها عن إجلال لشخصه وعن إتصافه بالمراتب العليا من القداسة وممن تسجل شهادته في الإمام الخميني (ره) الذي كان له محبة وإحترام خاصان تجاه الشيخ ولم ينقطع عن الإتصال به وزيارته في بيته إلى حين وفاته رغم الظروف الخاصة والمسؤوليات التي عاشها وكان الإمام يرسل أحياناً الشيخ المسعودي إلى الشيخ بهجت ليستشيره في العديد من القضايا ومما يُنقل عن الإمام قوله أن الشيخ يتوفر على مقامات عالية جداً منذ زمن طويل وأنه يمتلك الموت الإختياري
3-            أخلاقه وتعامله مع الناس
لا يحتاج الشيخ إلى تكلف مظهر التواضع والزهد فتشعر عند رؤيته بآيات التواضع والخلق الحسن قد عجنت بذاته وصار كل منهما عنواناً للآخر فيسبق من يلتقيه بالسلام وإن كان أصغر منه سناً وعلماً يروي أحد علماء طهران أنه جاء إلى بيت الشيخ في حاجة له ففتح له الباب شيخ بسيط المظهر ولم يحتمل أن يكون هذا الشخص المتواضع الشيخ بهجت ولذا قال له : لي شغل مع الشيخ بهجت
فأجابه الشيخ : تفضل (أي اذكر حاجتك )
فأجاب الشيخ الطهراني لي شغل معه شخصياً
فأجابه الشيخ : تفضل  
يقول العالم الطهراني لم يخطر ببالي أصلاً انه الشيخ وإعتقدت أن هذا الشخص لا يريد السماح لي برؤية الشيخ ولذا رجعت دون بيان ما اريد ولكن عندما ذهبت فيما بعد إلى المسجد الذي يصلي فيه الشيخ أدركت أن الشخص الذي فتح لي الباب هو نفسه الشيخ
يقول أحد أبنائه حول صرامة زهده وتقديس الشيخ  للوقت  أنه خلال ثلاين سنة من وجودي إلى جانب الشيخ لم أسجل له ثلاثين ساعة تعطيل أو تنزه وتجد عند الشيخ الدقة الفائقة في الآداب الشرعية وفي جميع حركاته وسكناته ويروي الشيخ محمد تقي المصباح أن للشيخ قطعة أرض زراعية إنتقلت إليه بالإرث فعندما يصل محصولها من الأرز يحرص على تخصيص جيرانه وأصدقائه بمقادير منه ولا يغير طريقته مهما كان المحصول
4-            كراماته
رغم تكتم الشيخ وحرصه على عدم إشاعة هذه الأمور فقد تم نقل عبر الثقات ما يملأ كتاب فأمر الشيخ اشتهر بين العلماء وسائر الناس ونحن ننقل بعض القصص روماً للإختصار
أ‌-     ينقل الشيخ محمد تقي المصباح اليزدي عن أحد أصدقائه أنه أراد السفر قبيل شهر رمضان وكانت زوجته حاملاً فذهب إلى الشيخ بهجت ليودعه ويلتمس منه الدعاء فما كان من الشيخ إلا أن قال له : سيمّن الله عليك هذا الشهر بولد ذكر فسمه " محمد حسن " يقول صاحب القصة لم يكن الشيخ بالأصل مطلع على أن زوجتي حامل وبالفعل وضعت زوجتي حملها في ليلة ولادة الإمام الحسن عليه السلام وكان ذكراً
ب‌-  يروي أحد الطلاب الأصفهانيين قائلاً : لقد سافرت إحدى المرات إلى مدينة مشهد بقصد العمل على إصلاح نفسي وتزكيتها هناك وقمت في يوم من الأيام بزيارة الشيخ فبادرني قائلاً دون سوأل مسبق وبدون إخباره بنيتي : أيها السيد إصلاح النفس بهذا النحو لا فائدة فيه إذهب إلى أصفهان وارضي والدتك اولاً
ت‌- يروي حجة الإسلام شعباني أنه عندما أراد التعمم توجه عند الشيخ بهجت لكي يتبرك بقيام الشيخ بوضع العمامة على راسه وعندما وضع الشيخ العمامة سألني عن الموضع الذي بلغته بالدراسة وكنت قد انهيت اللمعة الدمشقية ما عدا بعض الأبحاث منها فقلت له : إني أنهيت اللمعة الدمشقية بجزئيها فلاحظة آثار الإنزعاج على وجه الشيخ وبعد التأمل التفت أني لم اكن دقيقاً في الإجابة فرجعت إليه وقلت إن مقصودي من إنهاء اللمعة هو إجمالاً وليس تمامها فظهرت على الشيخ علامات الإنشراح ودعا لي بالخير
ث‌-  كان هناك شخص يعاني من إبتلائه ببعض الشبهات العقائدية فترك بلده وسافر إلى قم وهناك رأى في عالم الرؤيا الشيخ بهجت وهو يجيبه على شبهاته وبعد أن استيقظ لم يكن قلبه مطمئناً بصدق الرؤيا فذهب إلى الشيخ ليطرح عليه شبهاته وبمجرد وصوله بادره الشيخ بالقول الجواب هو ما قلته لك في الرؤيا فلا تتردد
ج‌-  يروي أحد طلاب الشيخ وكان له بنتان قال في أحدى الليالي لا طفت طفلتي الصغيرة وقبلتها دون أن التفت إلى أختها لكن خطر ببالي أنه قد تكون الكبرى مستيقظة وتتضايق لأني لم ألاطفها لكنني أهملت الأمر وتجاوزته وفي الصباح لدى وصولي عند الشيخ التفت إلي بعد السلام مباشرة قائلاً : عسى أنكم تطبقون المساواة بين الأطفال إن شاء الله
وأخيراً انقل قصة رواها لي شخصياً أثنين من الأخوة اللبنانيين اللذان تربطني بهما صداقة حميمة قالا أنهما في احدى زياراتهم إلى قم لم يستيقظا في ذلك اليوم لأداء صلاة الصبح وفي نفس اليوم تشرفا بلقاء الشيخ بهجت وطلبا منه أن يوصيهما ويعظهما فأخذ الشيخ يحدثهما عن صلاة الصبح وأهميتها وضرورة الدقة والمواظبة على إدائها في وقتها فمن أخبره بتقصيرهما ؟
·      توجيهاته
أ – العمل بما نعلم
الشيخ بهجت يستشهد بإستمرار بأحاديث أهل البيت عليهم السلام التي تفيد هداية الله لمن يعمل بما يعلم ويتعجب من دعوى البعض الجهل والحيرة وأن تلك الدعوة تدل على أن صاحبها لم يعمل بما يعلم وإلا لإنكشف له الطريق فيما لا يعلم ولما بقي في جهله وحيرته
ب- الصلاة
يقول الشيخ إن الله تعالى عندما يريد ان يهدي عباده إلى طريق السعادة فلابد أن الله حكيم ويؤكد على الأهم والأكثر تأثيراًوعليه فإذا أردنا أن نعرف ما هو الأهم فعلينا الرجوع إلى القرآن والنصوص الواردة فكل أمر إهتم به القرآن وأحاديث المعصومين عليهم السلام ببيانه كان تأثيره في التكامل والسعادة أكبر ومن أهم الأمور الإهتمام بالصلاة حيث نجد للصلاة في مقدماتها وشرائطها وأجزائها الظاهرية والباطنية الموقع الأهم في القرآن والسنة فأهم أمر يمكن أن ينفع الإنسان بسعادته هو الصلاة
ج – الإتعاظ
من كلماته حفظه الله عندما يريد التعرض لبعض مساوىء أهل الدنيا وإنحرافاتهم وظلمهم أن الأكثر إثارة للعجب هو نحن لا هم موقفنا نحن هو العجيب إذ إن هؤلاء لا يرون فهم بمنزلة الأعمى لكن نحن الذين نطلع على آيات الله وآثاره ليلا نهاراً ونعيش في ظلال القرآن وأحاديث المعصومين وتوجهات العلماء بإستمرار يفترض أن تظهر آثار الإيمان والمعرفة علينا وأن نكون في سلوكنا أكثر إلتزاماً وإهتماماً بأمر الآخرة
توجه إليه يوماً أحد الطلاب طالباً منه الموعظة فإلتفت إليه الشيخ وقال : إن المواعظ كثيرة ولكن المتعظ قليل وكان يردد "ما أكثر العبر وأقل الإعتبار "
وراجعه أحد الطلاب يوماً طالباً منه برنامجاً للعمل والسلوك فرد الشيخ : حسناً لكن أين العامل ؟ وبعد إصرار الطالب قال الشيخ : أدلك على شيء يكفيك حيثما ذهبت ولا شيء سواه وهو أن لاتقارف الذنوب وكان يقول أن أفضل ذكر عملي وأرقاه هو ترك المعصية في الإعتقاد والعمل
وكان ينصح طلبته بمطالعة حديث واحد من الأحاديث الواردة في كتاب جهاد النفس من وسائل الشيعة وذلك ليلاً قبل اللجوء إلى النوم
وكان يقول في نفس كل واحداً منا شمراً يمكنه قتل الحسين عليه السلام ووظيفتنا نحن أن نمنع أنفسنا من أن نكون كذلك
وكان يؤكد على صلاة جعفر الطيار لقضاء الحوائج وعلى الإكثار من الصلاة على محمد وآل محمد لرفع الهم والغم  
       
·      مؤلفاته
1-            دورة كاملة في الأصول
2-            حاشية على مكاسب الشيخ الانصاري
3-            شرح كتاب الطهارة من الشرائع
4-            ما يقرب من دورة فقهية في الصلاة
5-            حاشية على كتاب ذخيرة العباد للشيخ الأصفهاني
6-            حاشية على مناسك الحج للشيخ الأنصاري
7-            رسالة في الإرث
8-            كتاب الصوم
9-            كتاب الخمس   
نسألكم الدعاء   


هناك تعليق واحد: