السيرة النبوية (3)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
تحدثنا سابقاً اننا سنتناول مقتطفات متفرقة من السيرة النبوية نوضح من
خلالها بعض المسائل التي درج الناس على تصديقها والتسليم بها بالرغم انه عند
التدقيق والتحقق منها نجد انها إما مجافية للحقيقة او على الأقل محل شك وتساؤل
وسنكتفي بمثال أول نتبعه بإذن الله بأمثلة عديدة
والمسألة موضع البحث هي كم كان عمر السيدة خديجة (ع) يوم تزوج بها النبي
(ص) وهل تزوجت قبله أحد ؟
من يراجع كتب السير يجد إختلاف واضح وتناقض كبير بين المؤرخين في تحديد عمر
السيدة خديجة (ع) يوم تزوج بها الرسول (ص) وهي تتراوح بين ال25 سنة إلى ال46 سنة
وقد رجح كثيرين ان عمرها لم يتجاوز ال28 سنة ولكن البيهقي جزم أنها تزوجت برسول
الله (ص) قبل البعثة بخمس عشر سنة وهذا معناه ان عمرها حين زواجها كان 25 سنة وقال
الحاكم ان القول بأن خديجة توفيت وعمرها 65 سنة هو قول شاذ وقال : " أن الذي
عندي هو أنها لم تبلغ الستين" وعلى هذا يكون القول بأنه كان عمرها 40 سنة هو
قول شاذ
اما السوأل ها تزوجت قبله أحد ؟
فجوابه أنها لم تتزوج قبله بأحد وإنما تزوج بها وكانت عذراء وأما النصوص
التي تفيد أنها تزوجت قبله برجلين هما عتيق بن عائذ المخزومي ثم أبو هالة التميمي
فهذا مما صنعته يد السياسة بهدف الإيحاء أن النبي (ص) لم يتزوج إمرأة عذراء إلا
السيدة عائشة وهذا ما يُستدل عليه من خلال مصادر عديدة معتبرة
ففي الصحيح من السيرة للسيد جعفر مرتضى العاملي ينقل عن مناقب آل أبي طالب
لإبن شهر آشوب قوله " وروى البلاذري وأبو القاسم الكوفي والمرتضى في الشافي
وابو جعفر في التلخيص أن النبي (ص) تزوج بها وهي عذراء
ثانياً : فقد إختلف المؤرخين في إسم ابي هالة هل هو النباش بن زرارة أو
عكسه أو هند أو مالك وهل هو صحابي او لا وهل تزوجته قبل عتيق أولا وهل هند الولد
المزعوم لخديجة هو ابن هذا اوذاك وهل هو ذكر أم انثى وهل قتل مع علي (ع) في حرب
الجمل أم مات بالطاعون بالبصرة كل هذه الإختلافات وهذا التضارب تجعل هذه الروايات
موضع شك على الأقل
ثالثاً : الغريب أن معظم المؤرخين حين يتحدثون عن السيدة خديجة يقولون أنها
كانت سيدة جليلة في قومها وكانت تدعى بالطاهرة وأن اشراف قريش تقدموا لخطبتها
وبذلوا لها الأموال ومنهم عقبة بن ابي المعيط والصلت بن ابي يهاب وأبو جهل وأبو
سفيان فرفضتهم جميعاً ثم تقبل بعدها بالزواج بإعرابي مجهول الإسم
رابعاً : ما يوضح المسالة ويؤكد الراي الذي نقول به هو أنه روي أنه كانت
لخديجة أخت إسمها هالة تزوجها رجل مخزومي فولدت له بنتاً إسمها هالة أيضاً ثم خلف
عليها أي على هالة أخت خديجة رجل تميمي يقال له ابو هند فأولدها ولداً اسمه هند
وكان لهذا التميمي إمرأة أخرى اولدت له زينب ورقية فماتت (اي المرأة الأخرى) ومات
التميمي فلحق ولده هند بقومه وبقيت هالة والطفلتان زينب ورقية فضمتهم خديجة إليها
وبعد أن تزوجت بالرسول (ص) ماتت هالة فبقيت الطفلتان بحجر خديجة والرسول (ص)
فكانتا ربيبتاه لا إبنتاه من خديجة وهذا له بحث آخر ما يهمنا في هذا النص انه يوضح
ان ما نُسب لخديجة من ازواج هم في حقيقة الأمر ازواج لإختها هالة
الخلاصة : أن الصحيح هو أن السيدة خديجة
(ع) تزوجت من النبي (ص) وهي عذراء وعمرها 28 سنة وهو ما ذهب إليه كثيرون
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
نسالكم الدعاء
ملاحظة إستندنا في بحثنا هذا على عدة مصادر أبرزها
الصحيح في السيرة للمحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
7-10-2009
كفعمي العاملي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق